اليوم الأول من الاستشارات.. معارضة ″الامتيازات″ تتخلى عن ″المسؤوليات″!… غسان ريفي

بدا في اليوم الأول من الاستشارات النيابية غير الملزمة التي أجراها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، أن عملية تأليف الحكومة تحتاج الى “خياط” ماهر لكي يضبط مقاساتها على قياس بعض الكتل النيابية التي طرحت شروط ومعايير لا تسمح ظروف البلد ولا المدة المعطاة للحكومة بتنفيذها أو حتى مقاربتها ما جعل هذه الطروحات بعيدة كل البعد عن الواقع.

الاستشارات تضمنت الكثير من الشعارات ومن الشعبويات التي ما يزال أصحابها يفتشون عن مكاسب شعبية بعد الاخفاقات التي تعرضوا لها، ما يؤكد أن هذه الأجواء التي لا تمت بصلة الى المسؤولية الوطنية ستجعل تأليف الحكومة أشبه بالمهمة المستحيلة في حال إستمرت تلك الكتل أو النواب المستقلين والمعارضين على مواقفهم، والآتي اليوم قد يكون أعظم، خصوصا أن التيار الوطني الحر لم يحدد موقفه بعد، وهو بحسب المعلومات سيلتقي الرئيس ميقاتي ثم يعقد إجتماعا عند الثالثة والنصف بعد الظهر لمناقشة مضمون اللقاء تمهيدا لاتخاذ الموقف النهائي تجاه الحكومة، ما يعتبر سابقة في حال حصل ذلك، خصوصا أنه درجت العادة على إعلان مواقف النواب بعد لقائهم الرئيس المكلف مباشرة.

لم يتخلل اليوم الأول من الاستشارات النيابية مفاجآت، حيث كانت النتيجة متوقعة، لجهة فريق يريد تحمل المسؤولية والمشاركة في الحكومة ضمن ورشة العمل الانقاذية ولو كان لديه بعض المطالب، وفريق آخر تراجع الى الخلف معتمدا الخيارات الأسهل التي تقتصر على الامتيازات وتبتعد عن تحمل المسؤوليات، والاكتفاء بالتنظير عن بعد، لا سيما ما ساقه النائب ميشال معوض من مطالب وشروط يحتاج تنفيذها الى حكومة بعمر أربع سنوات وليس أربعة أشهر فقط.

لا شك في أن هذه السلبية التي تعتمدها الكتل النيابية التي تدعي المعارضة والتغيير تشبه الهروب من الجبهة في عز الحرب والتآمر على اسقاطها، حيث يتناسى هؤلاء أن السلطة مسؤولية وأن الناخبين الذين أوصلوهم الى مجلس النواب كانوا يتوسمون بهم تقديم الحلول وليس الانكفاء وإنعدام الفاعلية والتأثير، خصوصا أن ما تسوقه بعض هذه الكتل من مواقف لا معنى ولا قيمة لها في ظل الواقع اللبناني القائم وفي ظل الأزمات التي وصلت الى الخبز والماء، لا بل يرقى الى مستوى الخيانة، خصوصا أنها تتحصن وراء متراس المعارضة تمهيدا لاطلاق النار على من يريد تحمل المسؤولية، تحت شعارات فارغة مقيتة لا تسمن ولا تغني من إنقاذ.

واللافت، أن بعض الكتل النيابية التقليدية وعندما كانت الأمور في البلاد تسير على ما يرام وكان العمل الحكومي أشبه بالترفيه، كانت تنافس بعضها البعض الى حدود القتال من أجل حقيبة من هنا أو مقعد وزاري من هناك، واليوم عندما تعاظمت المهام والمسؤوليات التي أخذها الرئيس ميقاتي بصدره منذ أن إرتضى تشكيل الحكومة الحالية، سعيا لانقاذ الملايين من الشعب اللبناني المهددين بالفقر والجوع، وحماية وطن الأرز من الانهيار الكبير، آثروا الهرب تحت شعار المعارضة ومواجهة أركان السلطة، في حين أن لبنان يحتاج اليوم الى مسؤولين لديهم إنتماء وولاء وحس وطني يشكل منطلقا لخياراتهم السياسية، فيما تذهب بعض الكتل النيابية الى خيارات طائفية ومذهبية وشخصية ومصلحية تدفعها الى الاستقالة من مسؤوليتها الوطنية والتي إنتخبت من أجل تحملها وليس الهروب منها.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal