حتى لا يُهدر حق لبنان بثروته النفطية!… بقلم: إيمان درنيقة كمالي

ليست الخلافات الحدودية بين أي بلدين متجاورين أمرا مستبعدًا أو مستغرباً في العلاقات الدولية؛ إلّا أنّ خلافات لبنان مع العدو الصهيوني قد فاقت في تعقيداتها وخطورتها كل الخلافات، وزاد “الطين بلّة” تراخي المسؤولين في السلطة اللبنانية حيال الحقوق.

فعلى الرّغم من الدراسة التي قام بها الجيش اللبناني والتي أثبتت أنّ الخط 23 هو خط غير قانوني لا يمكن الركون اليه، وعلى الرّغم من الدراسة التي قام بها المكتب الهيدروغرافي البريطاني على الحدود اللبنانية – الفلسطينية، وحتّى قبل اصدار المرسوم 6433، والتي أثبتت أن الخط 29 هو الخط الأساسي، وعلى الرّغم من الأخبار الواردة منذ أشهر بأنَّ الجانب الاسرائيلي قد تعاقد مع شركة “أنرجيان باور” على بدء التنقيب والاستخراج؛ إلّا أن تعديل المرسوم 6433 ما زال مجمّدا حتّى اليوم، بل وأُحيط بنوع من التعتيم الاعلامي، وتمّ منذ حينها إلهاء الشعب بفتن داخلية ومشاكل معيشيّة وقضايا وأمور يوميّة مستجدّة فرضت نفسها على حياته، حتّى “ويا غافل الَك الله” وصلت باخرة التنقيب الاسرائيلية الى حقل كاريش وسط بعض خطابات الاستنكاف أو التطنيش.

لا شك في أن تعدّي اسرائيل على حقل كاريش والبدء بأعمال التنقيب على النفط والبترول يجب أن يكون ملف السلطة الأساسي، وذلك لعواقبه على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني.

اولا، الموضوع سيادي بامتياز، والامر محسوم بالعرف القانوني الدولي، إذ أكّدت اتفافية قانون البحار لدى الأمم المتّحدة التي صدرت عام 1982، ووضعت حيّز التنفيذ عام 1994، والتي انضم اليها لبنان، كما أنّ سيادة أي دولة تمتد الى البحر الإقليمي والجرف القاري، والمنطقة الاقتصادية الخالصة وغيرها من الممرات البحرية… ومن هنا، فإنّ أي سلطة تنتقص من سيادة الدولة هي من دون شك سلطة ترتكب جرم جزائي وخيانة عظمى…

ثانيا، وبعيدا عن المسؤولية الوطنية، فإن التقاعس عن القيام بأي عمل لإعاقة التنقيب عن النفط والغاز سيؤدي الى خسارة مادية كبيرة للبنان قد تسمح له، في حال حصل على الثروة النفطية والغازية، بإنقاذ الخزينة، دون أن ننسى أنّ هذه المنطقة من البحر المتوسط تختزن العديد من المعادن التي تدرّ أيضا مليارات الدولارات..

وثالثا، فإنّ ترك الامور على حالها قد يؤدي الى مخاطر أمنيّة في حال تعاملت اسرائيل على أنّ هذه المنطقة هي حق سيادي لها. ففي هذه المنطقة، ممكن أن تنشأ جزر اصطناعيّة قد تستعمل كقواعد عسكرية من قبل العدو، أو توضع فيها سفن حربية تهدد أمن لبنان.

لا يمكن لأي لبناني أن يتراخى حيال حقوقه وثرواته وأمنه.. وعليه فالمطلوب إنجاز هذا الملف وفقاً لما تقتضيه المصلحة اللبنانية وما يراعي القوانين الدولية، سواء كان ذلك عن طريق المفاوضات، أو عن طريق سنّ وإقرار قانون، أو عن طريق تعديل المرسوم 6433 وإيداعه لدى الامم المتحدة .

والمهم الإسراع إلى تثبيت ترسيم الحدود اللبنانية وفق احداثيات الخط 29 ، لأن التاريخ لن يرحم…

الكاتبة: إيمان درنيقه الكمالي

ـ أستاذة جامعيّة

ـ باحثة في العلوم السياسيّة


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal