سويف في أحد الشعانين: نحتاج إلى نهج جديد

احتفل رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف بالقداس الالهي لمناسبة أحد الشعانين في كنيسة ما مارون في طرابلس، عاونه المونسيور نبيه معوض والأبوان راشد شويري وجورج اسحاق، وخدمت القداس جوقة كنيسة مار مارون، في حضور حشد من المؤمنين من مختلف رعايا أبرشية طرابلس المارونية، تخلله “زياح الشعانين”، حيث طاف المؤمنون في بعض شوارع المدينة مرتلين “هوشعنا”.

 

سويف

 

وبعد تلاوة الإنجيل المقدس، ألقى سويف عظة قال فيها: “نلتقي ككل سنة للاحتفال بأحد الشعانين الذي يقود إلى الفصح المجيد بعد عيش الأسبوع العظيم. الشعانين هي الدخول المباشر وإلى الفصح الجديد، حيث يسوع المتجسد في المغارة يتابع مسيرة التواضع من بيت لحم ويدخل على الجحش ابن الأتان إلى أورشليم متوجا ببهاء الإنحناء، ملكا على مملكة ليست من هذا العالم، معلنا لملكوت الله، ملكوت المحبة والغفران، واحة الأخوة الإنسانية، فضيلة الحرية واحترام كرامة الإنسان. هوشعنا للملك الآتي”.

 

وأضاف: “بالهوشعنا استقبل الأطفال والناس ملك الملوك وسيد السادة الذي أعاد السلام الحقيقي للبشرية التي فقدته، وهي تعيش في الظلم نتيجة عمل الإنسان وفكره وما يقوم به جراء الجهل والخطيئة تجاه ذاته وأخيه في الإنسانية فأوصل به الى الموت. إنه السلام الذي نرجوه كل يوم في العديد من المجتمعات التي لا زالت تعاني النزاعات والصراعات، وهو المنشود على المستوى الإجتماعي والحياتي حيث الخسارات المادية والبشرية الناتجة عن الحروب وحيث أبرياء وعائلات وأطفال يدفعون الثمن الأكبر من خلال دمار بيوتهم وتهجيرهم. وهذا ما اختبرناه ولا زلنا في منطقتنا وفي أوكرانيا التي تعاني مأساة فظيعة. نسأل الرب أن ينير العقول والقلوب فتتوقف الحروب وتترمم الذاكرة البشرية على قاعدة الغفران لأجل سلام عادل ودائم.

قال: “بالهوشعنا! يسوع يدخل الى أورشليم ليحقق هذا السلام بجسده وآلامه وتقدمة ذاته. فهو بجهوزية تامة يتألم بكيانه ويتمم مشيئة الله الآب الذي أراد أن يخلص الإنسانية ويحررها ويعطيها الحياة، فكانت طريق الجلجلة ودرب الصليب والألم السبيل. فلا حياة جديدة في المسيح إلا من خلال الألم الذي نشركه بآلامه ونقدمه ذبيحة، ونحمله في أجسادنا إذ نكمل بآلامنا ما نقص من آلام يسوع (كولوسي 1: 24). فيتحول الألم حياة جديدة في يسوع المسيح، ويجعل منا شهود القيامة وعلامات إيمان في قلب عالم يتوق الى لمسة شفاء ونفحة رجاء.

 

وتابع: “بالهوشعنا! ندخل اليوم مع يسوع إلى أورشليم، إلى الفصح الجديد ونعترف أن يسوع المسيح هو ابن الله الحي ومخلص العالم. نعم يا رب، أنت وحدك قادر أن تنقذنا من هوة الموت وتنشل وطننا الحبيب لبنان من المحنة الكبرى فتعيده الى الحياة الجديدة. صلاتنا بهذه الشعانين هي بألا نفقد الرجاء. هوشعنا هي إيماننا وصراخنا ونداؤنا الى الله ونحو كل إنسان. هوشعنا المواطنة في لبنان يحتاج إلى نهج جديد وفكرٍ جديد مبني على التضامن بين الناس واحترام حقوق الإنسان وصون كرامة المواطنين. هوشعنا العيش اللائق والكريم . هوشعنا الوعي لدى المواطنين والمواطنات وحسن التمييز وأخذ العبر. هوشعنا الإنماء والعدالة. هوشعنا الأطفال المحرومين من التربية والدواء والإستشفاء. هوشعنا لأحلام الشباب المقهور الذي له الحق أن يبقى في الوطن ويكون نبضه الحي. في الشعانين، نتضرع مع الأطفال والشباب والعائلات وكل شرائح مجتمعنا حاملين سعف النخل وأغصان الزيتون، علامات السلام، حتى يملك الرب على قلوبنا ووطننا فيبقى واحة لقاء الحضارات والثقافات والأديان”.

 

وختم سويف: “فليكن صراخ الهوشعنا، صلاة عميقة ترتفع لأجل لبنان واللبنانيين جميعا حتى نعبر في هذا الفصح نحو الحالة الجديدة والمنطق الجديد والفكر الجديد والأداء المتجدد الذي يحرر الوطن من كل أنواع العبودية فينعم بالحرية والسلام. آمين”.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal