إتصال ماكرون وبن سلمان بميقاتي تأكيد على دعم حكومته.. متى تبدأ الترجمة العملية؟… غسان ريفي

ساهم الاختراق الايجابي الذي حققه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في العلاقة اللبنانية ـ السعودية في إعادة تصويب مسار التعاطي بين البلدين، لا سيما من جانب المملكة التي بدا واضحا أنها كانت تنتظر أي بادرة حسن نية لبنانية لتفتح صفحة جديدة مع وطن الأرز، كما أبلغ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في الاتصال الثلاثي الذي جمعهما مع ماكرون، ما يؤكد أن غضب السعودية على لبنان كان على قدر المحبة، وعلى قدر العلاقة الأخوية التاريخية التي تجمع بين البلدين الشقيقين.

حمل الانفراج الدبلوماسي السعودي ـ اللبناني بمبادرة من الرئيس ماكرون مؤشرات عدة أبرزها:

أولا: إن إستقالة وزير الاعلام جورج قرداحي لم تكن لزوم ما لا يلزم كما يحاول أن يروّج البعض، بل هي كانت ضرورية من أجل دفع مهمة ماكرون في السعودية والتي تكللت بالنجاح باعتراف الاليزيه وسائر المعنيين.

ثانيا: عودة لبنان الى الاهتمام الدولي والعربي عبر الجهود التي بذلها الرئيس ميقاتي في هذا المجال، بدءا من غلاسكو مرورا بالفاتيكان وصولا الى الاتصال الثلاثي بينه وبين ماكرون وبن سلمان.

ثالثا: الحؤول دون إنهيار لبنان من خلال إحتضان فرنسي مدعوم أميركيا وبتعاون عربي، في ظل التخوف العام من إمكانية أن ينعكس هذا الانهيار سلبا على المنطقة وأمنها.

رابعا: الحرص الواضح من الرئيس ماكرون والأمير بن سلمان على إجراء الاتصال مع الرئيس ميقاتي وليس مع رئيس الجمهورية ميشال عون، ما يشير الى أن الهدف منه هو التأكيد على دعم حكومة “معا للانقاذ”، ودعم ميقاتي شخصيا خصوصا أنه أظهر صلابة وعزما على التصدي لهذه الأزمة التي إنتهت باستقالة قرداحي.

خامسا: عدم رفع سقف الشروط تجاه لبنان، حيث تركزت حول ضرورة النأي بالنفس تجاه أي صراع عربي ـ عربي وعدم تهديد الأمن الاجتماعي والأمني للمملكة، والالتزام بأفضل العلاقات، وإجراء الاصلاحات الداخلية، وهي أمور سبق وإلتزم بها رئيس الحكومة في البيان الوزاري وتعهد بها مرات عدة في تصريحات مختلفة، أما الشروط الأخرى المتعلقة بالقرارات الدولية وحصر السلاح بيد الدولة، فهي شروط عامة تريدها دول عربية وأجنبية.

لا شك في أن المبادرة الفرنسية التي أنتجت تواصلا سعوديا ـ لبنانيا قد ساهمت في اراحة أجواء اللبنانيين الذين ينتظرون بفارغ صبر ترجمة عملية له تتمثل بعودة السفير وليد البخاري الى بيروت، وعودة السفير فوزي كبارة الى الرياض، وإعادة تبادل البعثات الدبلوماسية بين لبنان والدول الخليجية التي سبق وقامت بسحبها.

اللافت، أن المساعدات التي تحدث عنها ماكرون وبن سلمان للبنان تقتصر على التقديمات الانسانية، ما يعني أن مسار العلاقة اللبنانية ـ السعودية يحتاج الى مزيد من النضوج الذي قد يترجم في مكان واحد هو إحياء مشروع سيدر بدعم سعودي لانطلاق خطة التعافي الاقتصادي التي تطلقها الحكومة الى جانب الخطط الموضوعة لوقف الانهيار.

مع فتح الصفحة الجديدة من السعودية تجاه لبنان، يكون الرئيس ميقاتي قد دخل فعليا في المرحلة الثالثة من المبادرة التي أطلقها لمعالجة الأزمة السياسية والتي إنطلقت مع جمع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري في عيد الاستقلال، ومن ثم إستقالة قرداحي، على أن تستكمل في إيجاد الحلول الناجعة لقضية المحقق العدلي طارق البيطار في ملف مرفأ بيروت والذي بات ملحا أن يسلك مساره الدستوري بتفعيل المحكمة العليا لمحاكمة الرؤساء والوزراء في مجلس النواب لتبديد كل الهواجس حيال السلوك القضائي في هذا الملف، بما يفتح الباب أمام إستئناف جلسات مجلس الوزراء التي باتت أكثر من ضرورية للانطلاق في مسيرة الانقاذ.  


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal