كارثة إستشفائية تحلّ باللبنانيين: لا دواء للفقراء… عبد الكافي الصمد

قبل أيّام دخلت امرإة في العقد السادس من عمرها إلى إحدى الصيدليّات في مدينة لبنانية، لتطلب شراء دواء لها وآخر لزوجها، ولما أبلغها الصيدلاني بسعر الدواءَين أصيبت بالصدمة بسبب إرتفاع أسعارهما الجنوني ما دفعها إلى إبقائهما في الصيدليّة لأنّها لا تملك المال الكافي لشرائهما، وعودتها إلى منزلها خائبة.

هذا المشهد كان واحداً من آلاف المشاهد التي وقعت في معظم الصيدليات على امتداد الخارطة اللبنانية، وأحدث ضجّة وصدمة وذهول وغضب لدى معظم المواطنين بسبب الإرتفاع الكبير لأسعار الأدوية بشكل غير مقبول، ما جعل أغلب اللبنانيين، بلا استثناء، غير قادرين على شراء الأدوية نتيجة رفع الدعم الرسمي عنها، وجعلها خاضعة لسعر السّوق ومبدأ العرض والطلب.

ومع أنّ الجهات الرسمية نفت أن يكون الدعم قد رُفع عن الدواء بالكامل، وأنّ الدعم ما يزال سارياً على أصناف الأدوية بنسب تتراوح بين 25 إلى 40 إلى 65 في المئة، فإنّ مجرد الإطّلاع على أسعارها الجديدة مقارنة بالأسعار القديمة يكشف عمق الأزمة التي ترخي بثقلها على اللبنانيين، والكارثة التي باتت تهدّد حياتهم بشكل مباشر، وأنّ الفقراء منهم ـ وهم غالبية المواطنين بما لا يقل عن 80 في المئة من السكّان ـ لن يعود بإمكانهم شراء الأدوية لتخفيف آلامهم ومعالجة أنفسهم هم وأفراد عائلاتهم.

على سبيل المثال، فقد إرتفعت بعض أدوية مرض السّكري من 80 ألف ليرة إلى 420 و475 إلف ليرة على التوالي، وأدوية الأعصاب من 30 ألفاً الى 320 ألف ليرة، كما أنّ دواء الضغط إرتفع من 30 ألفاً إلى 133 ألف ليرة، والفيتامينات من 18 إلفا إلى 228 ألف ليرة، ودواء الغدّة إرتفع من 23 ألفاً إلى 113 ألف ليرة، وصولاً إلى حليب الأطفال الذي ارتفع من 12 ألفاً إلى 90 ألف ليرة.

ولعلّ أصدق تعبير وردّ فعل على رفع أسعار الأدوية الكارثي هو إشارة كثيرين إلى أنّ 10 في المئة من اللبنانيين باتوا قادرين على شراء الأدوية، وأن الـ90 في المئة الباقين لن يكون أمامهم سوى تحمّل أوجاعهم وآلامهم وصراخهم وصولاً إلى حد موتهم وجعاً وألماً وقهراً، في بلدٍ لم يعد يوجد فيه سقف يحتمي فيه المواطن من الجوع والفقر والمرض .. والموت.

كلّ ذلك يحصل بينما رواتب اللبنانيين ومداخليهم بالكاد تكفيهم لسدّ الرمق، بعدما تآكلت نتيجة إنهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، والبلد يقف على أبواب مجاعة حقيقية لم تترك متنفساً للمواطنين ولو صغيراً، نظراً لأنّ الأزمة الحالية الخانقة لم يعرفها لبنان منذ نشأته.

هذا الإنهيار الذي يشهده لبنان على كلّ الصعد، دفعت النّائب جميل السيد إلى التعليق على طريقته عن واقع الحال بالقول: “يسألونني عن الترشُّح للإنتخابات، أُجيبُهم: أيّ تفكير بهذا الموضوع اليوم هو سخافة. كيف ممكن تفكّر بإنتخابات من هلق لوقتها، بينما المواطن يلّلي رح ينتخبك عم يموت كل يوم؟! خلّيه يبقى عايش بالأوّل”.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal