مصارف لبنان تواجه كورونا بـ 6 ملايين دولار فقط!… عبد الكافي الصمد

يوم الثلاثاء الماضي في 24 آذار الجاري، أطلقت من السراي الحكومي الكبير، مبادرة من جمعية مصارف لبنان، هي عبارة عن تبرّعها بمبلغ 6 ملايين دولار أميركي لتأمين أجهزة طبّية واستشفائية لمعالجة المصابين بوباء كورونا، بعدما استقبل رئيس الحكومة حسّان دياب لوفد من الجمعية برئاسة سليم صفير وبقية الأعضاء، في حضور الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير.

أصاب الخبر اللبنانيين بالصدمة، نظراً لأنّ الملبغ الذي تبرّعت به جمعية المصارف يعتبر زهيداً جدّاً مقارنة بالأرباح الهائلة التي حققتها المصارف في السنوات الأخيرة، على حساب اللبنانيين والدولة اللبنانية معاً، ومن جيوبهم، إذ كان كثيرون يعولون على “صحوة ضمير” للمصارف ووقوفهم إلى جانب اللبنانيين في محنتهم، لكن ذلك لم يتحقق.

في شهر أيلول من العام الماضي، أي قبل نحو ستة أشهر، نشرت صحف تقارير عن حجم الأرباح والفوائد الضخمة التي حققتها المصارف خلال السنوات العشر الأخيرة، وتحديداً بين عامي 2009 و2018، وهي بلغت نحو 93.6 مليار دولار، بمعدّل 9.4 مليار دولار سنوياً. في المقابل، دفعت المصارف إلى مودعيها فوائد بقيمة 63 مليار دولار، بمعدّل 6.3 مليار دولار سنوياً، ذهبت بمعظمها إلى كبار المودعين. وراكمت المصارف في هذه الفترة أرباحاً مُصرّحاً عنها (قبل الضريبة ومن دون الأرباح المخفية) بقيمة 21.2 مليار دولار، بمعدّل 2.1 مليار دولار سنوياً، ما يعني أن الرساميل المكدّسة في المصارف اللبنانية حالياً تساوي نحو 4 مرّات ونصف المرّة مجمل الناتج المحلّي.

من خلال هذه الأرقام يتبين أن المصارف لم تتبرّع سوى بالقليل من فتات الأرباح التي حققتها على حساب اللبنانيين، وبرغم ذلك، لم يتوانَ رئيس الجمعية سليم صفير يوم إعلان “المبادرة” ـ التبرع، عن الإدعاء بأنّ القطاع المصرفي لم يتوانَ يوماً، عن تأدية واجبه في مساعدة الدولة اللبنانية والشعب اللبناني على تحمّل الظروف الصعبة، وعلى تجاوز المحن الأليمة”، وأن هذا القطاع “يُجدّد إلتزامه بخدمة الناس، والعمل على كل ما يساهم بتخفيف معاناتهم”، معتبراً أنّ “ثروة لبنان الحقيقية تكمن في إنسانه. وكل ما عدا ذلك قابل للتعويض”.

وغاب عن بال صفير، قصداً أو عمداً، أنّ المصارف، وهي الدائن الأبرز للدولة اللبنانية، أقدمت منتصف شهر كانون الثاني الماضي، أي في عزّ الأزمة المالية الخانقة في لبنان، على بيع سندات يوروبوند، إستباقاً لخطوة لبنان بمبادلة السندات القصيرة الأجل بسندات طويلة الأجل، ما أدى إلى تراجع أسعار السندات في أربعة أيام فقط 9 في المئة من قيمتها، في خطوة وصفت بأنها تؤكّد تقدّم مبدأ الربح على ما عداه من مبادىء لدى المصارف، بما فيها مبدأ المصلحة الوطنية.

هذا المبلغ الزهيد الذي تبرّعت به مصارف لبنان للدولة اللبنانية لمواجهة مخاطر تفشّي فيروس كورونا، كان يقابله تبرّع أشخاص عاديون في لبنان ودول أخرى بما يقارب هذا المبلغ أو يزيد، ما يجعل هذه المصارف مطالبة بإعادة النظر جدّياً بما قدمته، وأن تفكّ “كيسها”، لأن ما يتوجب عليها يبقى كثيراً مقارنة بما أقدمت عليه، وبما جنته من أرباح.  


مواضيع ذات صلة:

  1. زيارات دياب الخارجية تربكه: دولٌ تُحرجه ودولٌ تتجاهله… عبد الكافي الصمد

  2. خلاف المستقبل ـ القوات: حكومة دياب المستفيد الأوّل… عبد الكافي الصمد

  3. الباب السّوري مخرجٌ لأزمات لبنان الإقتصادية.. هل تطرقه حكومة دياب؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal