الحكومة تكذب على نفسها أم على اللبنانيين؟… غسان ريفي

يبدو واضحا، أن الشغل الشاغل للحكومة هو تحسين صورتها محليا ودوليا بغض النظر عن حجم الثقة الشعبية بها أو القدرات التي تملكها أو إمكانات البلد الذي تحكمه، ما يجعل أغلبية قراراتها منفصلة عن الواقع وكأنها تصدرها لأجل بلد آخر.

لا يختلف إثنان على أن الحكومة تعمل وتتابع، لكن نتاجها هو كـ”غثاء يحمله السيل”، فتارة تأتي متأخرة كما حصل في القرارات المتعلقة بوباء كورونا وإقفال المعابر ووقف حركة الطيران من والى البلدان الموبوءة، وتارة أخرى تعدُ بما لا تستطيع أن تلتزم به، وطورا تقترح ما لا يمكن أن يأخذ طريقه نحو التنفيذ.

يشعر كثير من اللبنانيين أنهم أمام حكومة هواة من رئيسها الذي حفظ شعار الاستهداف السياسي للهروب به الى الأمام عند كل إخفاق، الى الوزراء الذين يتصرفون بعيدا عن الواقع السياسي وعن التوازنات التي تتحكم بكل مفاصل البلد، لذلك لا يشعر اللبنانيون بالأمان في ظل حكومة تقول ما لا تفعل والأمثلة كثيرة جدا.

ففي الوقت الذي يعم فيه الغضب كل لبنان باطلاق سراح العميل عامر الفاخوري (جزار معتقل الخيام) ما يضع سيادة الدولة اللبنانية وهيبة قضائها على المحك، تجتمع الحكومة وتدير الأذن الطرشاء لهذه القضية، ولدى سؤال وزيرة الاعلام عنها، تؤكد أن الحكومة لا تتدخل بالقضاء، في الوقت الذي لا يعلم أحد في لبنان أين أصبح العميل الفاخوري وعما إذا كان تمييز قرار المحكمة العسكرية سيعيده الى السجن أم لا، وهل هو غادر البلاد أم لجأ الى السفارة الأميركية، فكانت الحكومة في هذه القضية “شاهد ما شافش حاجة”.

في الاقتصاد، تدعو الحكومة المواطنين الى الاطمئنان فمراقبي لجنة حماية المستهلك يسرحون ويمرحون في المؤسسات التجارية ويضبطون الأسعار ويمنعون الاحتكار، فيما بات أكثرية اللبنانيين يعجزون عن شراء حاجاتهم الضرورية في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار، وغياب بعض السلع بهدف الاحتكار، وفي مقدمتها الكمامات ومواد التعقيم التي بلغت أسعارا خيالية ما يعتبر جريمة بحق اللبنانيين.

في الصحة، تدعو الحكومة الى عدم الهلع، فيما الكورونا ينتشر وتتسع رقعته ويزداد عدد ضحاياه، في حين أن أكثرية المستشفيات الحكومية تفتقر الى أبسط التجهيزات المطلوبة خصوصا في طرابلس وأقضية الشمال وعكار والهرمل، والفحص غير مجاني سوى في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، أما في المستشفيات الأخرى أو المختبرات فيتراوح ما بين 150 الى 350 ألفا ما يجعل السواد الأعظم من اللبنانيين غير قادرين على إجرائه.

في التربية، لا تزال الحكومة تصر على إجراء الامتحانات الرسمية في الوقت الذي لا أحد يعلم من اللبنانيين مصيره في ظل الانتشار الأفقي لكورونا، كما تطرح فكرة التعليم عن بعد، بواسطة تطبيقات على مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر شاشة تلفزيون لبنان، لكنها تتناسى أن أوضاع اللبنانيين في مدنهم ومناطقهم وبلداتهم وقراهم النائية تتفاوت بين إنقطاع دائم للتيار الكهربائي، وغياب تغطية الانترنت، أو عدم القدرة على تأمينه، أو عدم إمتلاك هواتف، ما يجعل قرارات الحكومة بهذا الصدد لفئة محددة من اللبنانيين، علما أن التعليم المباشر كان يعطي نتيجة نجاح ما بين 60 الى 70 بالمئة، فكيف ستكون نتائج التعليم عن بعد؟.

ومما يزيد الطين بلة، هو إعلان رئيس الحكومة أمام الملأ بأن الدول الأوروبية تتعلم من لبنان إجراءات مواجهة كورونا التي كان سباقا فيها، إضافة الى فرض التعبئة العامة وتعطيل المواطنين عن أعمالهم من دون أية تعويضات خصوصا للطبقات الفقيرة المهددة بلقمة عيشها.

كل ذلك وغيره يجعل الهوة سحيقة بين الحكومة وشعبها، ولعل نزول عدد من المواطنين الى كورنيش المزرعة للرقص والغناء وكسر قرار عدم التجمعات، هو أبلغ رسالة للحكومة بعدم الاقتناع بكل اجراءاتها، وبأنه إذا كانت هذه الحكومة تريد أن تكذب على نفسها، فلا داعي لأن تكذب على اللبنانيين!.


مواضيع ذات صلة:

  1. من يحاول إلباس طرابلس قناعا جديدا ليس لها؟… غسان ريفي

  2. هل ترك جهاد الصمد اللقاء التشاوري؟… غسان ريفي

  3. الى بعض ثوار طرابلس.. لا تُعيدوا تجربة ″قادة المحاور″!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal