ماذا سيقول الحريري غدا؟… عبد الكافي الصمد

عندما سيتسمّر مناصرو تيار المستقبل غداً أمام شاشات التلفزة للإستماع إلى ما سيقوله الرئيس سعد الحريري في الذكرى الـ15 لاغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط 2005، فإنهم سيكونون سلفاً قد عرفوا مضمون خطابه، في ضوء التسريبات اليومية التي بدأت تخرج من أوساط المقربين من زعيم التيار الأزرق، والتي تشير إلى نقاط عدة من الخطاب الذي سيلقيه الحريري في المناسبة، ووصف بأنه ″مفصلي″.

الخطوط العريضة لأدبيات خطاب الحريري في ذكرى اغتيال والده ستبقى على ما هي عليه، من وجدانيات على وجه الخصوص، أمّا في السّياسة فإن البارز سيكون تقدّم عنصرين مهمّين على ما عداهما: الأول ردّ الإتهامات عن سنوات حكم التيار الأزرق للبلد، ووجوده على رأس السلطة منذ نحو ثلاثة عقود، أو ما بات يعرف بـ″الحريرية السياسية″؛ والثاني الهجوم الساحق والعنيف الذي يتوقع أن يشنّه الحريري على رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل، ونعي التسوية الرئاسية، مع ما يستتبع ذلك من تداعيات.

في العنصر الأول لن يجد الحريري نفسه موفقاً في الدفاع عن وجوده وتيّاره في السلطة، وتحديداً في المرحلة الثانية منذ عام 2005، إذ خلال الـ15 سنة الماضية كان الحريري وتيّاره وحيدين على رأس هرم الحكم، باستثناء أقل من ثلاث سنوات تسلم فيهم الرئيس نجيب ميقاتي مقاليد السلطة على مرحلتين، الأولى عام 2005 لأشهر، والثانية بين عامي 2011 و2013 لأكثر من سنتين ونصف، أما غير ذلك فإن محاولة الحريري التبرؤ من تبعات هذه المرحلة وتداعياتها سياسياً وإقتصاديا وإجتماعياً لن يجدي نفعاً، إلا إذا كان الحريري يتخيّل نفسه أنه كان خلال هذه السنوات موجوداً خارج السلطة وعلى رأس المعارضة.

أما العنصر الثاني، وهو “كسر الجرّة” مع العهد سيكون الحاضر الأكبر في خطاب الحريري، الذي ترجّح توقعات أنه سيذهب بعيداً في انتقاده عون وباسيل، وأن السنوات المتبقية من عهد عون في قصر بعبدا ستشهد كباشاً سياسياً وإعلامياً بين التيارين الأزرق والبرتقالي، وسيكون طابعها الرئيسي، ما سيترك تداعيات وتوترات قد يكون الشارع مسرحها، خصوصا بعدما نقل عن الحريري قوله إن “حزب الله ليس خصمي، بل جبران باسيل والتيار الوطني الحرّ!”.

يأتي كل ذلك والحريري اليوم يبدو وحيداً في خوضه معاركه السياسية، بلا حلفاء، وعلى رأسهم القوات اللبنانية المقطوعة العلاقة بينه وبينها منذ جولة الإستشارات النيابية الملزمة في 16 كانون الأول الماضي عندما اتهم مستقبليون القوات بـ”الخيانة والغدر والطعن في الظهر” لأنها تخلت عن تسمية الحريري في الإستشارات، إلى الحزب التقدمي الإشتراكي الذي يبدو رئيسه النائب وليد جنبلاط ضائعاً لا يعرف أين سيتموضع، إلى بقية القوى في فريق 14 آذار، فضلاً عن تململ واستياء واسعين في صفوف التيار الأزرق جرّاء الوضع الصعب الذي وصل إليه التيار هذه الأيام.

ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فإنّ الحريري الذي قزّم الذكرى بنقل الإحتفال بها من قاعة البيال إلى منزله في وسط بيروت، بعدما كانت ساحة الشهداء مكانها الطبيعي منذ عام 2005 حتى عام 2012، فإنه يحتفل بالذكرى وهو يعاني من أزمة مالية غير مسبوقة وضعته على شفير الإفلاس، فضلاً عن أنه خارج السلطة، مراهناً فقط على شدّ عصب شارعه، وهو رهان يبدو أشبه بـ”المقامرة” بعدما بات هذا الشارع في مكان آخر بعد “ثورة” 17 تشرين الأول التي جعلت أدبيات الحريري السياسية تبدو أشبه بكتاب عفا عليه الزمن، ولم يعد يصلح لمرحلة إنقلبت فيها الأوضاع والمعايير والإهتمامات والرؤى رأساً على عقب.


مواضيع ذات صلة:

  1. خلاف المستقبل ـ القوات: حكومة دياب المستفيد الأوّل… عبد الكافي الصمد

  2. الباب السّوري مخرجٌ لأزمات لبنان الإقتصادية.. هل تطرقه حكومة دياب؟… عبد الكافي الصمد

  3. مشاركة المستقبل في جلسة الموازنة ″سرّ″ غياب المحتجّين؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal