هل يتعايش اللبنانيون مع أزمة فراغ طويلة؟… عبد الكافي الصمد

لا شيء في الأفق القريب يدلّ على أن أزمة الفراغ التي دخلها لبنان في 29 تشرين الأول الماضي، بعد تقديم الرئيس سعد الحريري إستقالة حكومته إثر مرور 12 يوماً على اندلاع شرارة الحراك الشعبي في 17 تشرين الأول الفائت، في طريقها لأن تشهد نهاية قريبة لها، بعدما دخل لبنان في نفق لا تبدو نهايته واضحة المعالم.

أزمة الفراغ هذه متشعبة ومعقدة، وحلّها من الصعوبة بمكان بحيث أنه ليس بإمكان اللبنانيين أن يستطيعوا القيام بها نظراً لتداخل الملفات الداخلية بالإقليمية والدولية، ما جعل الكلّ في لبنان أسير هذه التشعبات والتعقيدات، برغم ما يحمله ذلك من تداعيات سلبية على لبنان.

فالفراغ وتصريف الأعمال في رئاسة الحكومة يبدو أنه سوف يستمر فترة زمنية طويلة، وحكومة تصريف الأعمال لا يبدو أن عمرها سيكون قصيراً، ما يعني أن الوضع الحكومي سيبقى مجمّداً أشهراً عدة، وليس هناك أي مؤشر يلوح في الأفق بأن الفراغ في سدّة الرئاسة الثالثة سيملأ قريباً، خصوصاً بعدما تبين أن طرح تسمية الوزير السابق محمد الصفدي من أجل تشكيل الحكومة المقبلة، تبين أنه لم يكن سوى “قنبلة” دخانية إنتهى مفعولها سريعاً.

أزمة الفراغ الحكومية هذه متشعبة، فرئيس الجمهورية ميشال عون لم يحدد حتى الان موعد الاستشارات النيابية الملزمة من اجل تكليف شخصية سياسية تاليف الحكومة، وهي سابقة لم يشهدها لبنان منذ تطبيق اتفاق الطائف عام 1990، بحيث كان رئيس الجمهورية يجري بعد استقالة الحكومة مباشرة، وخلال فترة زمنية لا تتجاوز 24 ساعة، هذه الاستشارات.

لكن عون ينطلق من تريثه في اجراء الاستشارات النيابية الملزمة من امرين: الاول ان الدستور لم يلحظ مدة زمنية معينة يفرض على رئيس الجمهورية الالتزام بها وتحديد موعد زمني لهذه الاستشارات، شانه في ذلك شان رئيس الحكومة المكلف الذي لم يحدد له الدستور فترة زمنية محددة لتاليفه الحكومة، ما يعني ان ازمة الاستشارات ستبقى مفتوحة.

أما الأمر الثاني الذي يجعل عون يتريّث في البدء بالإستشارات، فهو أنه يفضّل الإتفاق على الخطوط العريضة للحكومة المقبلة بشكل مسبق، رئيساً ووزراء وتوزيع حقائب، قبل الدخول في دوامة إنتظار لتأليف الحكومة قد تطول أشهراً عدة، كما حصل في المرة السابقة، في تطور جعله موضع جدل وتجاذب سياسي واسع، بين رافضين ومؤيدين، وأثار إنقساماً لن ينتهي قبل أن يباشر عون إستشاراته النيابية الملزمة وإطلاق عجلة تأليف الحكومة.

هذا الجمود إمتد أمس إلى مجلس النواب، الذي تعطّل وتوقف عن عقد الجلسات، سواء من أجل تجديد أو انتخاب اللجان النيابية، أو إقرار مشاريع قوانين مدرجة على جدول أعماله، في ظل انقسام حول هذه المشاريع والذي يترافق مع حركة الإحتجاجات في الشارع التي يقوم بها الحراك الشعبي منذ أكثر من شهر.

يضاف إلى ذلك تعطيل الجامعات والمدارس عن التدريس، وتوقف المصارف والمؤسسات الرسمية قسرياً عن أداء دورها، وجمود حركة الأسواق والدورة الإقتصادية، ما يجعل البلاد تعيش شللاً غير مسبوق ويضعها على حافة الإنهيار.

كل ذلك يجري بينما اللبنانيين، بمختلف ميولهم السياسية، يبدو وكأنهم تعايشوا مكرهين مع أزمة الفراغ الواسعة في البلد، وهم الذين عايشوا مثل هذه الأوضاع الصعبة أكثر من مرة، خصوصاً في العقود الثلاثة الأخيرة التي تلت إنتهاء الحرب الأهلية عام 1990، إنطلاقاً من يقينهم بأنهم لن يستطيعوا العيش طبيعياً في بلد يعيش ظروفاً غير طبيعية.


فيديوهات قد تعجبك:

  1. بالفيديو: مايا دياب تثير الاستياء.. هذا ما قالته عن السيد حسن نصرالله

  2. بالفيديو: موقف طريف لمراسلة على الهواء مباشرة

  3. بالفيديو: سقوط قذيفة قرب مجمع تابع لـ حزب الله

  4. بالفيديو: راهبة تهتف ثورة ثورة


لمشاهدة فيديوهات اخرى اضغط هنا.


لمتابعة اهم واحدث الاخبار في لبنان والعالم اضغط هنا.


مواضيع ذات صلة:

  1. ملاحظات على مسيرة الحراك الشّعبي.. قبل فوات الأوان… عبد الكافي الصمد

  2. ثورة ″الواتس أب″: التّياران الأزرق والبرتقالي أكبر الخاسرين… عبد الكافي الصمد

  3. دعم العملة الوطنية بين لبنان والخارج: مقارنة مؤلمة… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal