إحتجاجات المنية تكشف واقعاً جديداً: تيار المستقبل لم يعد اللاعب الوحيد… عبد الكافي الصمد

إبتداءً من اليوم لن تعود منطقة المنية وجوارها كما كانت في السابق، بعدما تركت حركة الإعتصامات التي نفذها الأهالي إحتجاجاً على حرمانهم من التيار الكهربائي، واختيار وزارة البيئة عقاراً في بلدة دير عمار ليكون موقعاً لمعمل التفكك الحراي للنفايات في الشمال، ندوباً من الصعوبة بمكان معالجتها، وتركت تداعيات ستكون لها آثاراً واضحة على واقع المنطقة ومستقبلها وانتمائها السياسي.

فالمنية التي عبّرت عن نفسها منذ عام 2005 بأنها مدينة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وفق اللوحة الإعلانية الكبيرة  عند مدخلها الجنوبي، وأن سماءها زرقاء تعبيراً عن ولائها للرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل، وهي التي أعطت غالبية أصواتها له ولمرشحيه في الإنتخابات النيابية في دوراتها الثلاث، 2005 و2009 و2018، وأنها “قلعة زرقاء” يصعب على أي كان اختراقها ودكّ حصونها، أثبتت حركة الإحتجاجات الأخيرة أن إنقلاباً هائلاً في المزاج العام قد طرأ عليها، وأن تحوّلات سياسية لافتة في طريقها لأن تبصر النور في المنطقة.

فالمرجعية السياسية لتيار المستقبل في المنطقة، سواء المحلية المتمثلة بالنائب عثمان علم الدين ومنسقية التيار الأزرق ومؤيديه في المنية، أو المرجعية المركزية المتمثلة بالرئيس الحريري والأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، إتسم أداؤهم بالإرباك والتردد والصمت حيال القضايا الحيوية التي شغلت أبناء المنطقة في الأيام الماضية، سواء لجهة رفضهم إختيار موقع تربل مطمراً للنفايات، أو اعتراض بلدة دير عمار على إنشاء معمل التفكك الحراري للنفايات فيها، أو الصمت حيال مطالبة أهالي المنطقة بحقهم المكتسب بتأمبن التيار الكهربائي لهم 20 ساعة يومياً، والذي حصلوا عليه قبل أكثر من أربع سنوات بعد اعتصامات وتحركات واسعة في الشارع، وتحديداً أمام معمل دير عمار.

هذا الصمت والتردد والإنكفاء من قبل قيادتي التيار المستقبل في المنية وبيروت، أثار عليهما نقمة واسعة في المنطقة، التي لم تنل مقابل ولائها المطلق لتيار المستقبل إلا الإهمال والجحود وعدم الإهتمام بمطالبها أو الإلتفات إلى مشاكلها، بل وقع خيار قيادة تيار المستقبل عليها لتكون مكبّاً للنفايات، بينما هي كانت تنتظر من تيار المستقبل الكثير، وأن يحقق لها بعض وعوده الإنمائية التي بقيت مجرد سراب وأحلام يقظة.

أداء تيار المستقبل هذا أوجد فراغاً سياسياً في المنية، ولو جزئياً ومرحلياً، سواء على مستوى القيادة أو القاعدة، ولأن سنّة الحياة أن الفراغ سيجد سريعاً من يملأه ولا ينتظر، فإن القيادات المحلية في المنية المناوئة لتيار المستقبل، من النائب السابق كاظم الخير المتخالف مع تيار العزم، ورئيس المركز الوطني للعمل الإجتماعي في الشمال كمال الخير المقرب من حزب الله،، فضلاً عن تحوّل كبير في الشارع، جعل زمام الأمور تفلت من يد التيار الأزرق، الذي سيجد صعوبة في استعادتها.

هذا الفراغ إستغله أيضاً حزب الله، الخصم اللدود لتيار المستقبل في الشارع السنّي، وتحديداً في المنية، بعدما تبين أن التسوية التي أفضت أمس إلى رفع الإعتصام من الشارع، وإعادة فتح الطرقات مقابل عودة التيار الكهربائي إلى المنطقة إبتداءً من 15 أيلول المقبل، هي تسوية قادها حزب الله.

اليوم ستصحو المنية على واقع سياسي وشعبي مغاير تماماً للصورة التي ارتسمت عنها طيلة نحو 14 سنة، لأن المخاض الذي مرت به المنية في الأيام القليلة الماضية سيرسم واقعاً جديداً، سياسياً وشعبياً، بدأت أولى معالمه ترتسم، وهي معالم لن يكون اللون الأزرق اللون الطاغي فيها.


مواضيع ذات صلة:

  1. هل تقر الحكومة اليوم محرقة دير عمار، وكيف سيكون الردّ؟… عبد الكافي الصمد

  2. بعد ″سقوط″ الفوّار وتربل.. هل يكون حلّ مشكلة نفايات الشّمال في ديرنبوح؟… عبد الكافي الصمد

  3. المطار يشهد هجرة لبنانية غير مسبوقة: يومٌ تاريخي أم كارثي؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal