الحريري وأزمة النّفايات: تخبط وتضارب في المواقف!… عبد الكافي الصمد

تصدّرت أزمة النفايات، يوم أمس، إهتمامات تيار المستقبل، رئيساً وكتلة نيابية، بعدما وجد نفسه محاصراً باتهامات بتورّطه بأزمة النفايات الأخيرة، وتحديداً في الشمال، فأراد من خلال بعض المواقف أن يرد عنه هذه الإتهامات، لكن مواقفه أكدت التهمة الموجّهة إليه وليس نفيها عنه، وعكست إرتباك التيار الأزرق حيالها.

رئيس الحكومة سعد الحريري قال أمس كلاماً بدا مستغرباً، وكشف أن تعاطيه مع أزمة النفايات أظهره وكأنه بعيد جداً عن موقعه المفترض كرجل دولة ومسؤول على رأس السلطة التنفيذية، إذ بدلاً من الإقرار بعجزه عن تنفيذ قرارات إتخذها بنفسه، إنساق بشكل غير مباشر وراء الخطاب التحريضي والطائفي والشعبوي الذي سار فيه الشارع، بتحريض مباشر من تياره الأزرق تحديداً، فاستغرب كيف ″المسلم غير مستعد أن يستقبل نفايات المسيحي، ولا المسيحي كذلك″، متسائلاً: ″ألا يدل ذلك على عنصرية بالمنطق؟″، معتبراً بما يشبه النقد الذاتي إنما مع تبرئة تياره من التهمة، بقوله: ″علينا أن نستحي من أنفسنا بالطريقة التي نعمل بها، وهذا أمر معيب″.

وعلى المنوال ذاته، نبّهت كتلة المستقبل النيابية أمس، من إرتفاع أصوات غير بريئة تتخذ من قضية مطمر تربل منصّة للتحريض الطائفي، وكأن من عارضوا إنشاء مطامر ومكبات للنفايات في الشمال هم من تيارات وكتل نيابية على خصومة مع تيار المستقبل، وليس نواب ومناصري تيار المستقبل هم من تصدروا هذه الإحتجاجات، رافعين خطابات طائفية واضحة وغير مسبوقة بهذا الشكل في الشمال.

ولعلّ الحريري نسي أنه أعطى الموافقة على اعتماد مطمر نفايات في الفوار أولاً، ولاحقاً في تربل، قبل طلبه من وزير البيئة إيقاف العمل بمطمر تربل 48 ساعة، ثم عاودت وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن المحسوبة عليه وطلبت من وزير البيئة معاودة العمل بمطمر تربل بإيعاز من الحريري، قبل أن ينتهي المسلسل بدعوة الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري إلى إيقاف العمل بمطمر تربل الخبيث، ليتوقف، بعدما كان نواب تيار المستقبل ورؤساء بلديات محسوبين عليه يبدّلون مواقفهم من مطمر تربل كلما تغير موقف مرجعيتهم السياسية، ما جعلهم موضع انتقاد من المواطنين ومن خصومهم السياسيين.

فعندما يتحدث الحريري عن عنصرية البعض حيال قضية النفايات، وتنبّه كتلته النيابية الزرقاء عن أصوات غير بريئة، ألا يستدعي ذلك من الحريري وكتلته، أن يسمّوا الأشياء بأسمائها وأن يقولوا بوضوح من كان عنصرياً في موقفه، ومن كان صوتاً غير بريء عمل على التحريض الطائفي.

تعاطي الحريري مع أزمة النفايات ومقاربة كتلته النيابية لها بهذه الخفّة، كان موضع إنتقاد نيابي، فالنائب جهاد الصمد إعتبر أن التحريض الذي حصل للأسف ليس من تربيتنا ولا من شيمنا ولا من أخلاقنا، فلا نفايات إسلامية وأخرى مسيحية”، مذكّراً بأن مطمر نفايات عدوي كان يستقبل على مدى أكثر من 14 سنة نفايات من أقضية المنية ـ الضنية وزغرتا والكورة وبشري والبترون، ومن خارج هذه الأقضية أحيانا، ولم يكن ثمة إعتراض على ذلك، وموضحاً أن مطمر عدوي، كان خلال هذه الفترة، يستقبل نفايات طبية من مستشفيات في بيروت ممنوع طمرها، بل يجب التخلص منها في محارق خاصة، ومع ذلك لم نجد من يرفع الصوت إعتراضاً وحرصاً على البيئة والصحّة كما يحصل اليوم.

من جهته، أوضح النائب الياس حنكش بعد اجتماع لجنة البيئة أمس، أنه ما زلنا في جدل بيزنطي. والقصة اليوم أكثر من تقنيات، هي قصة عجز الحكومة، كاشفاً أنه خرجنا من هذه اللجنة بدون حل.

هذا الإرباك الذي يعاني منه الحريري وحكومته وكتلته النيابية، حاول وزير البيئة فادي جريصاتي أمس أن يخرج منه، عندما أعلن بعد ترؤس الحريري لجنة وزارية مكلفة معالجة مشكلة النفايات، ليقول إن مجلس الوزراء، في جلسته المقررة غداّ الخميس، سيقرر إستملاك عقار يجمع نفايات الضنية وزغرتا وبشري والكورة، معتبراً أن هذه ستكون بداية حل لأزمة الشمال، وإن شاء الله قريباً تصبح هذه الأزمة خلفنا.

فهل يترجم وعد جريصاتي على الأرض هذه المرة، أم يلقى مصير وعوده السابقة بفعل تخبّط الحريري في مقاربة هذا الملف؟


مواضيع ذات صلة:

  1. المطار يشهد هجرة لبنانية غير مسبوقة: يومٌ تاريخي أم كارثي؟… عبد الكافي الصمد

  2. أزمة النفايات الشمالية تكتب آخر فصولها: موقع تربل هو الحلّ… عبد الكافي الصمد

  3. الحكومة معطلة ومخارج التسوية مقفلة… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal