الحكومة معطلة ومخارج التسوية مقفلة… عبد الكافي الصمد

دخل مجلس الوزراء شهره الثاني من عدم إنعقاد جلساته، منذ إرجاء جلسة 2 تموز الماضي على خلفية الأحداث الدموية في بلدة قبرشمون في عالية، في 30 حزيران الفائت، بين مناصري رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط من جهة، وبين مناصري رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال إرسلان من جهة ثانية.

الخلاف على إحالة ملف قبرشمون إلى المجلس العدلي عطّل جلسات الحكومة منذ ذلك الحين، بسبب إصرار إرسلان ومن خلفه رئيس التيار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل، الذي يدعمه بقوة في هذا المجال، لاعتقادهما أن ملفاً أمنياً بهذا الخطورة يجب أن ينظر به المجلس العدلي، مقابل رفض جنبلاط نهائياً إحالة الملف إلى المجلس العدلي، بسبب شكوكه أن هناك نوايا مبيتة لاستهدافه سياسياً وقضائياً.

هذا التبابين عطّل الحكومة شهراً كاملاً، وهو مرشح أن يعطلها فترة زمنية أطول، في ضوء ازدياد هوة الخلاف بين الطرفين، وحدّة التراشق السياسي والإعلامي الذي اقترب من الخطوط الحمر، وبات يهدد بالإنتقال إلى الشارع واشتعاله، من دون وجود أي بارقة أمل بنزع فتيل الأزمة قبل اشتعالها.

وزاد من حدّة الأزمة التباين في وجهات النظر بين رئيسيّ الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري، والتنازع بينهما حول مدى صلاحيات كل منهما بما يتعلق بحق الدعوة إلى عقد جلسات لمجلس الوزراء، وهو نزاع لم يعد نزاعاً دستورياً ولا سياسياً فقط، بل امتد ليتحول إلى نزاع طائفي ومذهبي، يكاد يهدد بنسف إتفاق الطائف.

يضاف إلى ذلك أن تعطيل مجلس الوزراء يهدّد بتداعيات إقتصادية سلبية في أكثر من إتجاه، وتحديداً في إتجاهين: الأول أن مؤتمر “سيدر” الذي يُعوّل عليه كثيرون للإستفادة من قروضه في معالجة الأزمة الإقتصادية الخانقة، ولو مؤقتاً، مهدد بأن يصبح فرصة ضائعة، إذا بقيت الحكومة معطلة عن متابعة ملفاته مع الجهات المانحة.

أما الإتجاه الثاني، فهو أن إنجاز إقرار الموازنة، سواء في الحكومة أو في مجلس النواب أو بعدما وقع عليها رئيس الجمهورية ونشرها في الجريدة الرسمية، برغم إعتراض باسيل على أحد بنودها المتعلق بتوظيف الفائزين في مجلس الخدمة المدينة، مهدد بالضياع، إذ سيصبح إنجازاً بلا ذي معنى إذا لم تستثمره الحكومة المعطلة، وهي غير قادرة في ظل هكذا وضع، في مشاريع وورش عمل.

وعلى هذا الأساس تبدو الحكومة وكأنها مستقيلة وهي ليست كذلك رسمياً، ويبدو رئيسها وكأنه معتكف نظرياً، أو كأن الحكومة حكومة تصريف أعمال، ولكن رئيسها يمارس عمله بتصريف الأعمال من السرايا الحكومي الكبير هذه المرّة وليس من منزله في وسط بيروت، في مشهد سياسي غير مسبوق، لا يُعبّر فقط عن حجم الأزمة السياسية في البلاد، بل عن أزمة النظام في لبنان، وهي أزمة ما تزال ترافقه منذ ولادته، قبل قرابة 100 عام تقريباً، كما يعكس المشهد  صورة مصغرة عن موازين القوى في لبنان، وهي موازين ليس خافياً أنها مرتبطة إرتباطاً وثيقاً بموازين القوى في المنطقة.


مواضيع ذات صلة:

  1. تلفزيون المستقبل بلا أخبار.. والحريري بلا سلاح… عبد الكافي الصمد

  2.  الحريري وأزمة الحكومة: ″إعتكاف″ لا استقالة… عبد الكافي الصمد

  3. مأزق الحكومة يزداد تعقيداً.. وخيارات الحريري ضيقة… عبد الكافي الصمد


Post Author: SafirAlChamal