ملاحظات حول إطلالته التلفزيونية: الحريري يستعين بـ مستحضرات التجميل… غسان ريفي

إستعان الرئيس المكلف سعد الحريري بكل ″مستحضرات التجميل″ لاسقاطها على الوضع الراهن، محاولا إقناع اللبنانيين بأن الشلل الذي يعيشه بلدهم، والعراقيل التي تواجه تشكيل الحكومة منذ أكثر من أربعة أشهر، والخطر الاقتصادي الذي يرخي بثقله عليهم، ويترجم فقرا وبطالة وإنعدام خدمات، هو كله من أجل مصلحتهم، وأن ما يعيق ولادة الحكومة هو فقط الخروج من الانتخابات النيابية وليس حروب الالغاء والتنافس على الحقائب، والصراع السياسي المرتبط بالتطورات الاقليمية والدولية.

كثيرة هي الملاحظات التي يمكن تسجيلها على إطلالة الحريري في الحلقة الأولى من برنامج ″صار الوقت” مع الزميل مرسال غانم الذي نجح في جذب المشاهدين الى محطة MTV، بعد مغادرته المؤسسة اللبنانية للارسال، وإيقاف برنامج ″كلام الناس″.

ومن أبرز هذه الملاحظات:

أولا: أن الحريري لبى دعوة الزميل مرسال غانم الى الاستديو، وهي المرة الأولى التي يجري فيها مقابلة خارج أسواره سواء في قريطم أو في بيت الوسط أو في السراي الحكومي أو في باريس والسعودية، ما يعني أن الحريري مطمئن أشد الاطمئنان الى وضعه الأمني وأن لا خطر يتهدده، وأنه يريد أن يدعم برنامج صديقه مرسال غانم، وقد ترجم ذلك بصومه عن الكلام دعما للحلقة الأولى من صار الوقت.

ثانيا: بدا واضحا أن الحريري متمسك الى أبعد الحدود بالتسوية الرئاسية وبكل أركانها بدءا بالرئيس ميشال عون الذي بالغ بالاشادة فيه وإعتبره ضمانته، مرورا بالوزير جبران باسيل حيث أحرج مرسال غانم بشدة دفاعه عنه وكأنه خط أحمر بالنسبة له، وصولا الى حزب الله الذي حرص الحريري على مهادنته بشكل كامل.

ثالثا: حاول الحريري التمهيد لمزيد من التنازلات التي يمكن أن يقدمها لاحقا أو عند تشكيل الحكومة، من خلال رفع شعار مصلحة البلد وتأكيد إستعداده إعطاء سائر الأطراف السياسيه من حصته لكي تبصر الحكومة النور وتحقيق هذه المصلحة.

رابعا: إصرار الحريري على سياسة الاستئثار بمقاعد السنة في الحكومة، ففي الوقت الذي أبدى فيه إستعداده لأن يعطي الأطراف السياسية من حصته، لم يقم وزنا للنواب السنة في 8 آذار رافضا توزير أي منهم.

خامسا: إعتراف الحريري بفضل الرئيس نجيب ميقاتي بشكل ضمني، عندما أكد أنه سيتبع في في الحكومة المقبلة عندما تتشكل وفي البيان الوزاري سياسة النأي بالنفس، معتبرا أن العلاقة بينهما جيدة، وأنه يسعى الى زيادة عدد اللقاءات معه للتعاون والعمل أكثر، علما أن الحريري هو أحد أكبر المستفيدين من ميقاتي الذي جدد يوم أمس دعم مهمته، وهو يشكل اليوم خط الدفاع الأول عن رئاسة الحكومة وصلاحياتها وعن إتفاق الطائف.

سادسا: حاول الحريري القيام ببعض العنتريات والايحاء بأنه شارب حليب السباع من خلال إظهار قوته كرئيس حكومة مكلف، وحديثه عن أنه هو من يشكل الحكومة، وهو من يسمي الوزراء ويعطي الحصص، وهو الذي يسمح ويمنع، وأنه لن يسكت عن التعطيل وسيسمي الاشياء بأسمائها، وذلك تعويضا عما يواجهه من محاولات لمصادرة دوره وفرض أعراف جديدة باتت منذ تكليفه حديث الأوساط السياسية.

سابعا: سعي الحريري الى قطع الطريق على أي محاولة لسحب التكليف منه، رافعا بذلك من سقف المواجهة، عندما إعتبر أن أي خطوة في هذا الاطار ستؤدي الى تأزيم الوضع في البلد.. ونحن لها، معتمدا سياسة العصا والجزرة عندما أكد أن توافقه مع الرئيس عون يعني إزدهار البلد، وأن خلافه معه يعتبر مشكلة حقيقية.

ثامنا: بدا الحريري جازما بأن الحكومة ستبصر النور خلال أسبوعين، حيث تشير المعلومات الى أن ثمة ضغط مستجد يمارسه حزب الله لتشكيل الحكومة قبل شهر تشرين الثاني موعد إقرار العقوبات الأميركية، وأن كتلة الوفاء للمقاومة أبلغت الرئيس ميشال عون بذلك خلال زيارتها له في قصر بعبدا لشكره على مواقفه الوطنية من على منبر الأمم المتحدة.

تاسعا: بالغ الحريري في الحديث عن إنجازاته في مؤتمر سيدر، وربط وجوده في السلطة  بتنفيذ مشاريعه وبنوده، وبسلامة الاقتصاد والليرة اللبنانية.

عاشرا: في الشق الانمائي نسيَ الحريري طرابلس، فاستفاض في الحديث عن بيروت وعن إنمائها وتطويرها وإنصاف البيارتة وتأمين العيش الرغيد لهم، وربما نسيَ كذلك أنه قبل يومين أرسل وفدا للاطلاع على المشاريع في طرابلس التي أطلق أنصاره فيها الرصاص والمفرقعات إبتهاجا باطلالته.

في كل الأحوال، ورغم إصرار الحريري على إظهار إرتياحه للوضع، لم يستطع أن يخفي أزمته أو توجّسه مما هو آت على صعيد تشكيل الحكومة والتنازلات التي يمكن أن يقدمها، أو ما ينتظره في البيان الوزاري لا سيما في ما يتعلق بسوريا التي جاء حديثه عنها متناقضا جدا..


Post Author: SafirAlChamal