الحريري ـ تيار المستقبل وسوريا: تبادل أدوار أم اختلاف حقيقي؟… عبد الكافي الصمد

″العلاقة مع النظام (السوري) ليست هي المشكلة″. هذه العبارة قالها الرئيس سعد الحريري أول من أمس، خلال دردشة مع الصحافيين عقب جلسة كتلة المستقبل النيابية في منزله بوسط بيروت، كانت لافتة ومفاجئة شكلاً ومضموناً وتوقيتاً، خصوصاً أنها جاءت بعد تلاوة النائب سمير الجسر بيان الكتلة، الذي انتقد فيه ″كل الذين يتغنون بعلاقتهم مع النظام السوري″، داعياً إياهم إلى أن ″يضعوا تسليم القتلة (في جريمتي تفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس) إلى المحاكم اللبنانية في سلم أولوياتهم، بدل الهرولة في كل إتجاه التطبيع مع هذا النظام، وتسليمه براءات ذمة يومية من دماء اللبنانيين والسوريين″.

بعد إجتماع الكتلة الزرقاء، أطلق الحريري مواقف تحمل في طيّاتها تغييراً غير مسبوق في موقفه من القيادة السورية، غابت عنها عبارات التحريض وإطلاق الإتهامات، وتضمّنت عدّة نقاط ″إيجابية″، بحيث تحوّلت العبارات التهجمية ″الساخنة″ التي كان يطلقها تجاه سوريا إلى مواقف عتاب ونقد ليس إلا.

إذ ردّاً على سؤال حول فتح المعابر بين البلدين، وتحديداً حول معبر نصيب بين سوريا والأردن، والذي تشترط دمشق إجراء إتصالات رسمية لبنانية ـ سورية قبل السماح لشاحنات النقل اللبنانية بعبوره تجاه الأردن ودول الخليج، قال الحريري: نحن لم نقفل أبوابنا بوجه أحد طوال هذه السنوات السبع، بل إستقبلنا كل من دخل من نازحين سوريين، وحتى من كان منهم مع النظام، وفتحنا مطار بيروت لهم جميعاً، لكن المؤسف أن إغلاق الأبواب يحصل من الطرف الآخر، بحيث يتم إبتزازنا بفتح معبر من هنا أو هناك، فيما نحن لم نبتز أحداً بهذا الشأن.

وضاعف الحريري من موقفه الإيجابي” المستجد من القيادة السورية عندما قال: “أما المزايدة بأن فلاناً يجب أن يفتح العلاقة مع النظام السوري أو غير ذلك، فهذا ليس هو النقاش”، مضيفاً: “نحن نرمي البلاء فيما بيننا فقط من أجل نكسب مواقف سياسية، وهذا أمر معيب، العلاقة مع النظام ليست هي المشكلة.

إذا كانت العلاقة مع النظام السوري، حسب رأي الحريري، ليست هي المشكلة، فما هي إذاً المشكلة، وهل يؤيد إعادة تطبيع العلاقة بين البلدين؟، وهل ما قاله مقدمة لزيارته إلى سوريا أو زيارة وزراء وموفدين مقربين منه العاصمة السورية؟، وهل بات الحريري مدركاً أنه لا يمكن التغافل عن فتح صفحة جديدة مع القيادة السورية بعد التطورات الأخيرة في لبنان والمنطقة، إذا ما أراد تأليف الحكومة بعد مرور أربعة أشهر على تكليفه، ومن غير أن تولد بعد؟

ربما يحتاج الأمر إلى انتظار مزيد من الوقت لمعرفة حقيقة التبدّل الذي طرأ على موقف الحريري من القيادة السورية، ولو جزئياً، غير أنه لا يمكن تجاهل أن كلامه جاء بعد اجتماع كتلته النيابية وصدور البيان المذكور عنها، وليس قبل الإجتماع، ما يُجهض المواقف التي تضمنها البيان، ويجعلها وكأنها لم تكن.

هذا التطور في المواقف يدفع إلى طرح تساؤلات عدة، أبرزها: هل التناقض بين موقفي الحريري وكتلته هو تبادل أدوار أم تعبير عن إختلاف حقيقي؟، وهل أن الكتلة في بيانها المقبل ستلحق بالحريري؟، أم أن الأخير سيعود إلى حضنها والسير خلف الرؤوس الحامية فيها؟

الأيام المقبلة وحدها تحمل الإجابة.

مواضيع ذات صلة:

  1. مصير الحكومة مجهول.. والبلد يُجرّ إلى حافّة الهاوية…عبد الكافي الصمد

  2. قيادة المستقبل تلعب بالشّارع.. لرد اعتبار مفقود… عبد الكافي الصمد

  3. من يُنزل الحريري عن الشّجرة؟… عبد الكافي الصمد

Post Author: SafirAlChamal