من يُنزل الحريري عن الشّجرة؟… عبد الكافي الصمد

منذ خروجه من السلطة إثر إسقاط حكومته عام 2010، وصولاً إلى عودته إليها أواخر عام 2017 بعد التسوية التي عقدها مع العماد ميشال عون التي أفضت لانتخابه رئيساً للجمهورية، أطلق الرئيس سعد الحريري خلال هذه الفترة سلسلة ″لاءات″ سياسية، كان من أبرزها تأكيده رفض الحوار مع حزب الله، أو الجلوس معه على طاولة واحدة في مجلس الوزراء.

هذه ″اللاءات″ كسرها الحريري بنفسه، عندما شرع في عقد جلسات حوار أسبوعية بين تيار المستقبل وحزب الله قبل التسوية الرئاسية وبعدها، وفي جلوسه جنباً إلى جنب مع ممثلي حزب الله في الحكومة التي شكلها بعد انتخاب عون رئيساً، والتي أشرفت على إجراء الإنتخابات النيابية التي جرت في 6 أيّار الماضي.

في أعقاب الإستحقاق الإنتخابي النيابي عاد الحريري إلى إطلاق ″لاءات″ جديدة، لكن هذه المرّة تتعلق بسوريا، عندما أكد أواخر شهر تموز الماضي، وفي دردشة مع الصحافيين قبيل جلسة كتلة المستقبل النيابية في منزله بوسط بيروت، أنه ″من المستحيل أن أزور سوريا، لا في وقت قريب ولا بعيد، حتى وإن انقلبت كل المعادلات، وإذا اقتضت مصلحة لبنان ذلك ″فساعتها بتشوفولكم حدا تاني غيري″.

أول من أمس عاد الحريري إلى النغمة ذاتها، وأيضاً في دردشة مع الصحافيين قبيل جلسة كتلة المستقبل النيابية في منزله بوسط العاصمة، إلى تأكيد رفضه مطالبة البعض تضمين البيان الوزاري مطلب عودة العلاقات مع سوريا كشرط لتشكيل الحكومة فقال: ″عندها لا تتشكل الحكومة.. وهذا بكل صراحة″.

يبدو الحريري مصرّاً على السير عكس التيار، وعلى تعقيد مهمة تاليف حكومته التي كُلّف بتأليفها قبل 85 يوماً، وما يزال يراوح مكانه، متجاهلاً الكثير من الحقائق والوقائع التي بات من الصعب القفز فوقها، بدءاً من نتائج الإنتخابات النيابية التي نقلت الأكثرية من أيدي فريق 14 آذار إلى أيدي منافسيه، ومن خسارته حصرية التمثيل السنّي إثر فوز 10 نواب خارج خيمة التيار الأزرق في الإنتخابات بعد منافسة شديدة بينه وبينهم، ما جعله يتمسك برفض تمثيلهم في حكومته المرتقبة، وصولاً إلى التطورات في المنطقة والتي أعادت سوريا لاعباً مهمّاً في لبنان والمنطقة لا يمكن تجاهله.

صعود الحريري عالياً في ″شجرة″ رفضه تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية والذهاب إلى دمشق لهذه الغاية، لمصالح لبنانية بحتة تتعلق بملف النّازحين السوريين في لبنان وإعادة لبنان تصدير منتجاته الزراعية والصناعية عبر معبر نصيب بين سوريا والأدرن، يجعله متناقضاً مع سياسة الحكومة اللبنانية التي يترأسها، والتي نصّ بيانها الوزاري على النأي بالنفس عن الأزمات التي تشهدها دول عربية، وعن النزاعات بين هذه الدول، وعلى أن يكون لبنان على مسافة واحدة من الجميع، لكنه هنا تحوّل طرفاً مناصراً لبلد هو السعودية على حساب آخر هو سوريا، متناسياً أن رفضه التعرّض للسعودية سيُقابل برفض التعرّض لسوريا، وأنه لا يمكن لسياسة النأي بالنفس أن تستمر وتكون موضع قبول إذا كان هناك شتاء وصيف تحت سقف واحد.

موقف الحريري هذا إستدعى ردوداً عليه من خصومه السّياسيين في لبنان. فالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قال من دون تسميته: ″أنصح بعض القيادات التي نحن على خلاف معها بشأن العلاقة مع سوريا، ألّا يلزموا أنفسهم بمواقف قد يتراجعون عنها″، في حين خاطبه النائب جميل السيد قائلاً: ″إختارك نوّاب نِصْفهم يريد العلاقة مع سوريا. أنت رئيس مكلّف ولست حاكم البلد وتتجاوز رئيس الجمهورية وتنسف إاتفاق الطائف، لا أسف عليه..  بين الفهم والجَهْل مسافة لسان″.

مواضيع ذات صلة:

  1. هل طلب الحريري وساطة فرنسية لدى السّعودية لتسهيل تأليف الحكومة؟…عبد الكافي الصمد

  2. هل وصلت رسائل عون الى الحريري؟… عبد الكافي الصمد

  3. الحريري ينتظر ″غودو″: هل تأتي ″سين ـ سين″ جديدة لمساعدته؟…عبد الكافي الصمد

Post Author: SafirAlChamal