مواعيد تأليف الحكومة: ″لوتو″!… عبد الكافي الصمد

تشبه العبارة الشهيرة التي ترِد في إعلان تلفزيوني يتعلق بجوائز يانصيب ″اللوتو اللبناني″، ″إذا مش الإثنين.. الخميس″، في إشارة إلى مواعيد بثّ نشرات نتائج اللوتو الشهيرة عبر شاشات التلفزة، المواعيد التي تعطى من هذا الطرف أو ذاك حول تأليف الحكومة اللبنانية، التي لم تبصر النور بعد برغم مرور أكثر من شهرين على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيلها في 24 أيار الفائت.

والمفارقة في الأمر أن مواعيد بثّ نشرات نتائج اللوتو اللبناني ثابتة ولا تتغير، وهي تعتمد على جانبين كبيرين يعرفهما جيداً كلّ من يشتري إحدى شبكات اللوتو: المقامرة أو الحظ، حتى بات كثيرون يدمنون شراء شبكات اللوتو أسبوعياً، عسى أن يحالفهم التوفيق بالفوز بالجائرة الكبرى، أو بجوائز أقل منها على أمل أن تكون ″حرزانة″، في إشارة إلى تعلقهم بالربح السريع، بعيداً عن تأمينه عبر العمل وتعبه ونتاجه أو التوفير والإدخار.

لكن المؤشّر غير المريح في الأمر هو أنّ ما تتسم به جوائز اللوتو وألعاب القمار والحظ من صفات ومزايا، يكاد ينسحب على مواعيد تأليف الحكومة، التي يفترض أن تكون خاضعة كما سياساتها وخططها وبرامجها، لمعايير دقيقة وعلمية وموضوعية ودراسات الجدوى، وتتمتع بالمصداقية على كل الصعد.

فمثلاً، منذ أكثر من عقد ونصف والوعود التي تعطى للبنانيين بتأمين التيار الكهربائي لهم على مدار الساعة، 24 / 24، ما تزال حتى اليوم وعوداً وحبرا على ورق، وفارغة من أي مصداقية، وكذلك الأمر بالنسبة لقضايا تتعلق مباشرة بقضايا المواطنين الحيوية مثل الطبابة والتعليم والبنى التحتية وتفعيل الإقتصاد وضمان الشيخوخة وتأمين فرص العمل، إلى حدّ باتت معه مواعيد اللوتو أكثر ثباتا والتزاماً وصدقاً من وعود الحكومة والمسؤولين.

والأمر ذاته ينطبق هذه الأيام على المواعيد التي تعطى لتأليف الحكومة، حتى باتت المواعيد أكثر من أن تعد وتحصى، من عيد الفطر، إلى مطلع تموز أو نهايته، أو إلى حين عودة هذا المسؤول أو ذاك من السفر، وأخيراً بث أجواء تفاؤل عن أن الحكومة يرجح إبصارها النور قبل يوم الأربعاء المقبل، الذي سيصادف الإحتفال بعيد الجيش اللبناني، من غير إغفال مواعيد أعطيت بأن الحكومة العتيدة قد تبصر النور قبل عيد الأضحى في الثلث الأخير من آب المقبل، أو عيد الميلاد نهاية العام الجاري!

تعكس كل هذه المواعيد التي لم يتحقق أي منها بعد، الخفّة التي يتعاطى المسؤولون بها حيال قضايا تمسّ حياة المواطنين من كل النواحي، ويُفسّر كل هذا التعثر الذي تتعرض له عملية تأليف الحكومة، والشلل الذي تعاني مؤسسات الدولة وإدارتها، إضافة إلى أن المسؤولين، بأغلبيتهم، يفضلون الكذب على المواطنين وعدم إطلاعهم كما يفترض على حقائق الأمور، وحرصهم على إمرار تسويات وصفقات مشبوهة من تحت الطاولة، أو التوافق على تقاسم حصص ومغانم تناسب مصالحهم الضيقة وأزلامهم، أولاً وأخيراً، حتى باتت مواعيد اللوتو أكثر مصداقية ودقة من مواعيدهم.

Post Author: SafirAlChamal