السوق العريض يسلط الضوء على آثار طرابلس.. ويكشف تقصير الدولة… عمر ابراهيم

ارتدى السوق العريض في طرابلس حلته الجديدة وظهر بأبهى صورة له في شهر رمضان كما أرادها القيمون على مشروع إعادة تأهيله في جمعية العزم والسعادة، ليعكس تاريخ هذه المدينة التراثية وما تخفيه من معالم اثرية غُيّبت لعقود بفعل سياسات الحرمان والاهمال المتبعة من قبل الدولة.

يعتبر السوق العريض من بوابات طرابلس القديمة التي تختزن مئات المعالم الاثرية، لطالما شكل مقصدا للزبائن في فترات الأعياد نظرا لما يوفره من ألبسة وأحذية بأسعار تناسب اصحاب الدخل المحدود، فضلا عن كونه من الممرات الالزامية الى سائر الأسواق القديمة، التي تضم خانات وحمامات ومساجد وكنائس اثرية، ومنها مسجد العطار الذي يشهد بدوره عملية تأهيل شاملة شارفت على نهايتها من قبل جمعية العزم وبتوجيهات من الرئيس نجيب ميقاتي، وقد تأخر تدشينه بسبب الكنوز التاريخية التي كانت مدفونة تحت المسجد ويصار الى اجراء ما يلزم للحفاظ عليها وإبرازها بعدما تم الكشف على تاريخ معظمها بانتظار ان يعلن رسميا عنها مع افتتاح المسجد قريبا.

ولعل الداخل الى السوق العريض من ناحية السراي العتيقة سيلحظ مدى التغيير الكبير الذي طرأ على هذا السوق، بعدما كانت تجتمع فيه كل اشكال الفوضى التي أخفت جماليته، قبل ان تنفض عنه جمعية العزم والسعادة غبار الحرمان وتعيده تحفة عمرانية تشد أنظار المارة وتستهوي محبي الاثار .

وربما كان الإصرار من قبل القيمين في جمعية العزم على إنهاء معظم الاعمال قبل شهر رمضان، من تأهيل المباني والمحال واظهار الحجارة الاثرية وترميم وتاهيل المسجد المشرف على السوق، فضلا عن تأهيل الارصفة، ليقدم كهدية لابناء المدينة في هذا الشهر ولرواده ايضا الذين وجدوا في التسوق متعة مع جمال السوق لا سيما ليلا بعد انارته وتزيينه.

يمكن القول ان هذا السوق الذي يأتي من ضمن سلسلة مشاريع تنفذها الجمعية، وتستهدف ترميم كثير من المعالم الاثرية، قد كشف عجز الدولة وإمعانها في حرمان المدينة، بعدما تركت ثاني مدينة مملوكية بعد القاهرة عرضة لشتى انواع التهميش وهي مستمرة في سياساتها لولا بعض المبادرات الفردية التي تحاول إنقاذ ما أمكن من هذه الثروة التي لو أحسن استخدامها لانتقلت طرابلس الى مصاف المدن السياحية في المنطقة، ووفرت آلاف فرص العمل لأبنائها.

ولا يقف الامر عند الاهمال المتعمد من قبل الدولة في ترميم المعالم الاثرية او أقله وضع قوانين للحفاظ عليها ومنع التعديات والسرقات التي تطال بعضها، بل إن الامر وصل الى حرمان المدينة من تنظيم مهرجانات في شهر رمضان داخل برج السباع الأثري، الذي يخضع ومعه معظم اثار طرابلس لوصاية وزارة الثقافة، ويحتاج تنظيم اي نشاط في اي معلم اثري الى موافقة مسبقة، مع العلم ان الوزارة يقف دورها عند الوصاية ولا تقوم بأي نشاط او ربما لا تدفع بالسياح أو تشجعهم لزيارة هذه الأماكن، وهو ما يتردد على السنة الطرابلسيين، بأن وزارتي الثقافة والسياحة وبعض المعنيين تنتهي حدود لبنان عندهم لدى لافتة البترون تشكر لكم زيارتكم .

مواضيع ذات صلة:

  1. طرابلس: غياب مهرجانات رمضان.. مؤامرة أم تقصير أم تواطؤ؟… عمر ابراهيم

  2. طرابلس: هل يدافع رجال الدين عن لقمة الفقراء كما دافعوا عن المرشحين؟… عمر ابراهيم

Post Author: SafirAlChamal