شارف إضراب الموقوفين الاسلاميين عن الطعام على دخول شهره الأول وسط تضارب في المعلومات حول عدد المصابين بحالات إغماء نتيجة النقص في التغذية وكيفية معالجتهم والطرق المتبعة، في حين دخل إعتصام الأهالي أسبوعه الاول في طرابلس وصيدا والبقاع، من دون ان يحرك ذلك ساكنا لدى المسؤولين في السلطة وعلى راْسهم رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي باتت وعوده لا تستحق الحبر الذي تكتب به، وسط معلومات عن إمتعاضه من الشعارات التي ترفع ومنها: ″وين الوعد يا سعد″.
نساء واطفال وشيوخ هجروا منازلهم واستوطنوا الخيم في الطرقات علهم يستطيعون إيصال صوتهم للمعنيين أو تذكيرهم بوعودهم السابقة، ولكن دون جدوى، حيث باتت هذه الخيم بمثابة استراحة للمرشحين وللمتضامنين، وباتت الدولة تنظر اليهم على أنهم امر واقع وتراهن على تعبهم كما تراهن على تعب السجناء المضربين عن الطعام، وربما كانت المفاجاة التي صدمت ابناء الشمال هي ما أعلنه وزير الداخلية نهاد المشنوق بقرب افتتاح سجن جديد في الشمال، ما دفع البعض الى التعليق ساخرا: ″هذه هي الوظائف التي وعدنا بها الرئيس الحريري للشمال″.
لا يبدو وفق متابعين ان السلطة السياسية على عجلة من أمرها وهي بحسب هؤلاء نجحت في امتصاص نقمة الشارع، وفي اخفاء الصورة الحقيقية امام الرأي العام الدولي، من خلال تسريب معلومات بأن من هم في السجون ″ارهابيون″ وذلك في محاولة واضحة للتملص من الوعود التي اطلقتها، وللتخفيف من الانتقادات الدولية في حال تطور الامر داخل السجون وحصلت حالات وفاة او تدهور خطير في صحة الموقوفين.
قد يذهب البعض الى التشكيك بجدية الإضراب داخل غرف السجون المغلقة، وبمدى تجاوب السجناء مع دعوة المحرك الرئيس لهذه ″الانتفاضة″ الشيخ خالد حبلص، الذي يعلم علم اليقين أن اي قانون عفو عام لن يشمله وبعض المناصرين له، نظرا لخطورة التهم الموجهة إليهم، ومنها مواجهة الجيش اللبناني وقتل عناصره.
إلا ان الإضراب وباعتراف المؤيدين والمعارضين له، حقق هدفه الأول وهو تسليط الضوء على قضية قانونية وإنسانية بحتة، واستطاع منظموه أن يفرضوا تحولا جوهريا في نظرة المجتمع لما يدور خلف تلك القضبان من ″ظلم وإجحاف″ يطال العشرات وربما المئات من الموقوفين بتهم بعضها “باطل” وبعضها الاخر قد انقضت المدة الزمنية للحكم الصادر فيها، مع وجود حالات كثيرة لسجناء لم تتم محاكمتهم وهم في السجون منذ عدة سنوات، على نحو يخالف كل القوانين المرعية الاجراء وفق رأي قانونيين ومحامي دفاع.
وبعيدا عن لغة الأرقام التي يحاول البعض اللعب عليها من خلال الإشارة الى ان عدد المضربين لا يتجاوز اصابع اليد من اصل 1300 سجينا اسلاميا، الا ان المعطيات المتوفرة تشير الى ان عددا كبيرا التزموا بالاضراب، وهناك محاولات لإخفاء الارقام من قبل الجهات المعنية، وهو ما أكده المسؤول الإعلامي في حزب التحرير الشيخ محمد ابراهيم، الذي أشار الى ان ″هذه التحركات مستمرة حتى تحقيق المطالَب بالعفو العام والشامل″ .
وترى مصادر متابعة ″ان ما تخطط له السلطة قد ينقلب عليها، لا سيما ان القضية لا يوجد اي أفق لحلها من دون الوقوف على مطالب السجناء، نظرا لان تحركهم جاد ويحظى بدعم من قيادات دينية ومن بينهم مفتي الجمهورية الشيخ عبد الطيف دريان، الذي كان وصفهم بالمعتقلين، وطالب بحل قضيتهم وهدد بانه لن يسكت عن هذا الامر″.