قوة اللوائح الطرابلسية.. تُخرج ″المستقبل″ عن طوره… غسان ريفي

إشتعلت المنافسة في الدائرة الثانية شمالا (طرابلس، المنية والضنية) بعدما عبّر كل فريق سياسي عن نفسه وإستعرض قوته بالجمهور العريض الذي يقف خلفه ويؤازره، مطلقا حملته الانتخابية التي يبدو أنه ستُستخدم فيها كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، في ظل تيار يثق بقدراته وحضوره الطرابلسي، وتيار متمرد يسعى الى قلب المعادلات، وتيار يسعى الى إقتحام المشهد السياسي، وتيار خائف على مكتسباته وما يمكن أن يخسره جراء هذه المعركة الشرسة المفتوحة، ما يجعله في حالة إرباك تخرجه عن طوره.

يبدو واضحا أن “لائحة العزم” قررت الانتقال من الدفاع الى الهجوم، بعدما أيقنت أنها تقف على أرضية شعبية طرابلسية صلبة تمكنها من تسمية الأشياء بأسمائها ومن وضع النقاط على الحروف، حيث شكل المهرجان الذي نظمه “أنصار العزم في المناطق الشعبية” في باحة مركز العزم في باب الرمل بحضور حشد جماهيري غفير ملأ الشوارع وشرفات المنازل، وأسطح المباني، نقطة إنطلاق نحو معركة إستعادة قرار طرابلس وتحريرها من الوصاية السياسية التي أمعنت تهميشا وحرمانا فيها، فشكل الحشد مع الكلمات التي تعاقب على إلقائها الرئيس نجيب ميقاتي والمرشحين رسالة واضحة بأن مزاج طرابلس قد تبدل وأن المدينة تتطلع الى قيادة سياسية قادرة على حمايتها وإنتزاع حقوقها.

هذه التطلعات ترجمها الرئيس ميقاتي في كلمته التي أكد فيها أن طرابلس لا تقبل واليا أو وصيا عليها، غامزا من قناة “تيار المستقبل” من دون أن يسميه، عندما أكد “عدم الدخول في السجالات والشتائم والتعرض للآخرين”، مشددا على أن “لائحة العزم تتمسك بسيادة لبنان وبالجيش اللبناني وبحصرية السلاح في يد الدولة اللبنانية″.

أما عضو “لائحة العزم” الدكتور محمد نديم الجسر فقد كان رده موجعا على “تيار المستقبل” مذكرا إياه بـ”مانشيت” جريدة المستقبل “أنا شارلي” وذلك دفاعا وتضامنا مع الذين أساؤوا الى الرسول الكريم، مثنيا على كلمة الرئيس سعد الحريري التي ناشد فيها أهالي بيروت “أن لا يتركوا أحداً يسيطر على قرار العاصمة”. مذكرا الحريري بقول النبي: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”، وخاطب الحريري بالقول: “دعوا لنا اذن قرار طرابلس، لا تصادروه ولا تستملكوه.”

مهرجان لائحة العزم في باب الرمل، أصاب “تيار المستقبل” بتوتر شديد، فتنافس بعض مرشحي لائحته وقياداته في الرد على ميقاتي والجسر، بإسلوب إعتبره البعض “خروجا عن آداب التخاطب السياسي”، لما تضمن من شتائم وإتهامات وتخوين، الأمر الذي إعتبره الجسر بمثابة دعوة الى القتل والاغتيال ووضعه كإخبار جدي في عهدة النيابة العامة التمييزية.

وترى أوساط طرابلسية، أن “شعور “تيار المستقبل” بالخطر الذي قد تفرزه صناديق الاقتراع دفعت مرشحيه وقياداته الى كل هذه العصبية، معتبرة أن “اليأس يدعو دائما الى الشتائم”.

ومما زاد الطين بلة لدى “التيار الأزرق” هو إستعراض القوة الذي قام به اللواء أشرف ريفي في شوارع طرابلس خلال مهرجان إعلان لائحة “لبنان السيادة” في الدائرة الثانية والذي جاء  بعد الحشد العكاري غير المسبوق في إعلان لائحته في الدائرة الأولى، والحضور الكثيف والمتنوع في بيروت، الأمر الذي ضاعف من إرباك “المستقبل” الذي يشعر أن ريفي يقاسمه صحنه الانتخابي في كل مكان، بعدما نجح في خطابه الثوري في استمالة كل الذين خاب ظنهم بمواقف الرئيس الحريري وأصيبوا بالاحباط نتيجة تنازلاته السياسية.

ويبدو واضحا أن ريفي يتجه الى رفع سقف خطابه أكثر فأكثر، حيث إنتقد بشدة يوم أمس الرئيس الحريري من دون أن يسميه، معتبرا أننا “نرفض ضعف رئيس الحكومة الذي تحول الى ساعي بريد لدى حزب الله”، فيما شن هجوما عنيفا على وزير الداخلية نهاد المشنوق.

ولم يكن بعيدا عن “تيار المستقبل” مهرجان لائحة “الكرامة الوطنية” التي أعلنها الوزير السابق فيصل كرامي بالتحالف مع النائب السابق جهاد الصمد، والذي جمع حشدا غفيرا غير متوقع، ملأ ساحة كرم القلة والشوارع المحيطة بها، وأكد أن شارع آل كرامي في طرابلس ما يزال ينبض بقوة، وأن المدينة تتجه لأن ترفع أسوارها في وجه “التيار الأزرق”، الأمر الذي عبر عنه كرامي فانتقد بشدة تعاطي الحكومات الحريرية مع الفيحاء داعيا “تيار المستقبل” الى “أن يحل عن سمانا الزرقاء”.

أمام هذا الواقع يشعر “تيار المستقبل” أن البساط الطرابلسي بدأ ينسحب شيئا فشيئا من تحت قدميه، وأن شعاراته السياسية لم تعد تغري أبناء المدينة الذين يأخذون عليه تهديدهم بحرمانهم مجددا من الانماء في حال لم يصوّت للائحته التي لم تجتمع منذ أن أعلنها الرئيس الحريري قبل إسبوعين في مركز الصفدي، فيما بدأ يلمس المرشحون فيها صعوبة في إقناع الناخبين، باستنثاء وزير العمل محمد كبارة الحاضر بقوة في طرابلس والذي يشكل رافعة شعبية لهذه اللائحة.

Post Author: SafirAlChamal