أقل ما يقال في سياسة الحرمان التي تعتمدها الدولة تجاه طرابلس وميناءها أنها بلغت عتبة الاجرام، خصوصا على صعيد صرف مئات ملايين الدولارات على منشآت لا يتم إستثمارها أو الاستفادة منها، بدءا من الملعب الأولمبي المتصدع، مرورا بمحطة التكرير عند برج رأس النهر والتي تحولت الى خردة، وصولا الى فندق الميناء الملحق بالمدرسة الفندقية عند الواجهة البحرية لمدينة الموج والأفق.
بالأمس، بدا حجم الاهمال اللاحق بالميناء، حيث تم كشف اللثام عن الفندق القائم على الكورنيش البحري والذي كان من المفترض أن يساهم في دعم الحركة السياحية في هذه المدينة، ويؤمن عشرات فرص العمل لأبنائها أو لخريجي المدرسة الفندقية، لكن عدم إستخدام هذا الفندق، وتحويله لاستضافة الطلاب المهجرين من بعض المدارس الرسمية، أدى الى تصدعه والى إجتياح النشش لكل جدرانه، والصدأ لكل تجيهزاته.
قبل نحو ثماني سنوات أبصر فندق الميناء النور، بعدما بلغت كلفته نحو 12 مليون دولار، وهو فندق بتصنيف أربع نجوم، يضم 27 غرفة، و12 جناحا، إضافة الى قاعات للاجتماعات ومكاتب للادارة ومطعم مجهز بشرفة (تراس) مطلة على جزيرة عبد الوهاب والواجهة البحرية، وحديقة تحتضن أعمدة أثرية، إضافة الى مطبخ متطور يضم أهم التجهيزات التي بلغت كلفتها أكثر من 700 ألف دولار، لكن كل ذلك بم يشفع لهذا الفندق بأن يفتتح وأن يساهم في تنمية السياحية في الميناء.
أمام هذا الواقع بادر السيد توفيق سلطان الى لفت نظر وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة الى أهمية هذا الفندق، كونه يتبع الى المدرسة الفندقية، وضرورة ترميمه وتأهيله والاستفادة منه على المستوى السياحي، فضلا عن إيجاد فرص عمل فيه لخريجي المدرسة. وإستكمل سلطان مساعيه أمس للاضاءة على هذا الفندق، فاستضاف رئيس نقابة أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر الذي جال على أقسام الفندق بحضور رئيس بلدية الميناء عبدالقادر علم الدين، والسيد ناصر شرف الدين، وإطلع على تجهيزاته، تمهيدا لامكانية تشغيله.
إثر الجولة قال توفيق سلطان: “استباقا لنهضة انمائية واقتصادية لطرابلس، نأمل أن تكون في القريب العاجل، أصبح لدينا مرفأ على اعلى مستوى تدخله أكبر البواخر. واليوم نحن أمام قرار لمجلس الوزراء جرى إقراره الاسبوع الماضي، بقرض من البنك الإسلامي قيمته 87 مليون دولار، واحيل المشروع على مجلس النواب، وقد وعدنا الرئيس نبيه بري بإقراره في أول وأقرب فرصة”.
وأضاف: “مدينتنا تفتقد أمورا كثيرة، منها الفنادق، واليوم لا يبدو لنا أن أحدا من القطاع الخاص في وارد القيام باستثمارات بملايين الدولارات من أجل إنشاء فندق، دائما نحن متأخرون، ومن جهتنا، نعمل على طريقة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهو شرع فعلا في تحضير بيروت لنهضة مستقبلية، وقد باشر بتوسعة وتأهيل المطار ووفر في مقابل ذلك التمويل لإعادة إعمار فندق فينيسيا”.
وتابع: “نحن هنا في فندق ليس بالضخم، ولكنه جيد، وقد انتهى العمل ببنائه منذ ثماني سنوات بكلفة 12 مليون دولار، إضافة إلى أن الأرض التي بني عليها تساوي ملايين الدولارات. والفندق هنا مطل على الواجهة البحرية التي عرفت خطوة مهمة أزالت عنها العشوائيات، في حين أنها ستشهد مشروعا لإزالة مجاري الصرف الصحي نهائيا، على أن يبدأ العمل قريبا بهذا المشروع. وإضافة إلى كل ذلك، الكورنيش البحري في الميناء هو من الأهم في لبنان، وهو بطول 7 كيلومترات ويضم مارينا سياحية وأخرى للصيادين، والميناء بمواصفات تراثية تعتبر المدينة القديمة لطرابلس، وفيها آثار لا تزال قائمة حتى يومنا، وهي مملوكية”.
وختم: “لقد وجهنا الدعوة للنقيب بيار الأشقر المعروف بتجربته المهمة في عالم الفنادق، وحتما يمكنه أن يقدم لنا تصورا لمستقبل هذا المبنى، ونحن نأمل أن يبدي القطاع الخاص استعداده ليؤهل هذا الفندق بأعلى مستوى، وهكذا نستفيد من قانون شراكة القطاعين العام والخاص، علما أن الرئيس سعد الحريري متحمس جدا ويساعدنا، وكذلك الوزير مروان حمادة، وسيأتيان الى طرابلس نهاية هذا الشهر، ونأمل أن نكون قد تمكنا من إعداد التصور الذي نضعه امامهما لتشغيل هذا الفندق، لأن هناك حاجة لاعتماد شيء من السرعة والمتابعة”.
من جهته قال الأشقر: “طرابلس عندها كل المقومات وكل القدرات البشرية لتكون العاصمة الاقتصادية للبنان. وفي الوقت نفسه فيها أسواق قديمة تضاهي أسواق تركيا وسوريا والقاهرة. ونعرف ما فيها من آثار غير موجودة في أي مكان آخر على البحر المتوسط، وأعرف تماما قدرات طرابلس، وعندنا إيمان بضرورة العمل معا لإعادة نهضتها ووضعها على الخريطة السياحية والاقتصادية”.
من جهته قال علم الدين: “اشكر النقيب بيار الأشقر لوجوده بيننا، ومسؤولياتنا تبدو مشتركة، ونقدر محبته لطرابلس والشمال ونعرف عنه قدرته على تنفيذ المشاريع التي يرغب في اقامتها، ونحن الى جانبه لنعمل معا آملين أن ننجح في المشروع الذي نحن في صدده اليوم”.