ها هي ذاكرة البترون تعود لأصحابها مرة جديدة، من خلال مجموعة جديدة من الصور الفوتوغرافية لوجوه بترونية ومناسبات واحتفالات التقطها المصور الفنان الراحل إميل بولس منذ أكثر من 60 عاما.
أكثر من 8000 صورة في معرض للجنة مكتبة بلدية البترون والمصور الفوتوغرافي ألفرد موسى الذي أنقذ أرشيف المصور بولس وأعاد ترميمه وتأهيله وتظهيره. 8000 صورة وأكثر محفوظة إلكترونيا في مركز “فينيكس” للدراسات اللبنانية في جامعة الروح القدس ـ الكسليك تعرض للمرة الأولى بعد عرض مجموعتين في معرضين سابقين.
هذا المعرض أزاح الستارة عن صور تعود لشخصيات لعبت دورا بارزا في البترون ولمواطنين من مختلف الأعمار تعيد للبترون ذاكرتها القريبة في خطوة فريدة من نوعها تفردت بها لجنة مكتبة البلدية ومعها المصور ألفرد موسى.
من كل الأعمار، كبارا وصغارا وشبابا، معاقين ومسنين توافدوا الى حي المغترب في مدينة البترون يبحثون عن صور ويتعرفون على أصحاب صور أخرى.
ويؤكد نائب رئيس لجنة المكتبة يوسف لطوف أن “المعرض يعيد للبترون ذاكرتها القريبة، هذا العمل الفني هو محطة دورية وينظم للمرة الثالثة، اليوم هناك 8000 صورة وسابقا عرضنا 6000 صورة في المعرض الاول و7000 في المعرض الثاني. ونحن كلجنة مكتبة ومع بلدية البترون نهتم بعودة الفن الى اصوله في البترون ولدينا الكثير من المشاريع في هذا المجال.”
وتقول فابيولا إميل بولس: “كل من زار المعرضين السابقين ويزور اليوم هذا المعرض الذي يضم صورا تعود الى 50 و60 سنة سيستعيد ذاكرة منطقة البترون وأهلها الطيبين في أيام الزمن الجميل الذي نتمنى أن يعود بأجواء الالفة والمحبة التي كانت أقوى من المصالح والكراهية.”
وينوه مدير مركز “فينيكس” كارلوس يونس بالعمل ويقول: “بلدية البترون ولجنة المكتبة مع جامعة الروح القدس تؤكد يوما بعد يوم أنها الرائدة في هذا المجال خصوصا في الحفاظ على تاريخ لبنان. وبالنسبة لجامعة الروح القدس ومركز “فينيكس” هذا الموضوع أخذته على عاتقها ومنذ 2008 تبذل الجهود الجبارة لحفظ تاريخ هذا البلد من خلال جمع أرشيف رواد وشخصيات لعبت دورا مهما في تاريخ لبنان. وبلدية البترون لاقتنا الى وسط الطريق بشكل لافت والمكتبة الرقمية التي تم تجهيزها في القصر البلدي لكي تكون بمتناول الباحثين والطلاب، وهو عمل جبار وعظيم على أمل أن تحذو كل البلديات حذو بلدية البترون فتحفظ تاريخها وتستعيد ذاكرتها. هذا النشاط مميز ورائع، وجميل أن نرى من زوار المعرض من يكتب إسم جدته أو جده على الصورة التي تعود له في الوقت الذي لا يعرف أحد صاحب الصورة. فنحن اليوم نوثق تاريخا ونكتب ذاكرة ولولا الجهود لما تحقق هذا المشروع”.
ويكشف الفنان ألفرد موسى “عن وجود نية لدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية من خلال تنظيم أكبر معرض للصور الفوتوغرافية يضم 140 ألف صورة منها 120 ألف للمصور إميل بولس وحوالى 20 ألفا لمساعده دعيبس بركات وهذا العمل بحاجة لدعم ورعاية ونحن بصدد بحث هذا الموضوع مع رئيس البلدية مرسلينو الحرك الذي يرعى ويدعم هذه المشاريع .”
ويثمن رئيس لجنة مهرجانات البترون الدولية المحامي سايد فياض المعرض القيّم الذي يأتي مكملا لفاعليات مهرجانات البترون التي سجلت نجاحا لافتا هذا العام لاسيما وانها تضمنت نشاطات ثقافية منها مهرجان الافلام القصيرة المتوسطية. هذا حدث جديد يضاف الى نشاطات البترون ويخلد ذاكرة تاريخية وما أجمل أن ننظر الى زوار المعرض ونجد من يقف أمام صورة والد أو والدة أو جد أو جدة أو صديق رحلوا عن هذه الأرض.”
أما الحرك الذي أعجب بصورة لوالدته الراحلة بفستانها المميز، يقول: “هي الصورة الاولى التي وقع نظري عليها وفوجئت بها لدى وصولي الى المعرض. إنها ذاكرة البترون مدينة وقضاء، إنه لقاء العائلات من كل القرى والبلدات البترونية بصور وجوه واحتفالات ومناسبات ومسرحيات. إنه الفنان إميل بولس الذي كان يصطاد اللقطات ويتقن فن التصوير وينفذه بدقة وكان أهالي منطقة البترون يقصدونه من الجرد والوسط والساحل لالتقاط صور لهم. إنها ذاكرة البترون التي نسعى لاستعادتها والحفاظ عليها وهذا المعرض يأتي في الاطار نفسه لحفظ أرشيف البترون والمحكمة والارشيف الذي يعود للعهد العثماني الذي نستعيده من جامعات تركيا. وهذا العمل لن يتوقف، ورحلتنا مع ذاكرة البترون طويلة ومستمرة.”