الارث الثقافي.. كارثة على طرابلس؟…عمر ابراهيم

sakafi2

لم ينته الجدل حيال مشروع الارث الثقافي في طرابلس القديمة الذي انطلق العمل فيه قبل نحو 12 عاما، وربما لن ينتهي قريبا رغم المحاولات المتكررة للبلديات المتعاقبة ومعها مجلس الانماء والاعمار لتجميل الصورة السيئة للمشروع، وإعطاء المواطنين جرعات من التفاؤل بمشروع قد يحمل تلك المناطق الاثرية الى مصاف المدن السياحية اللبنانية والعربية.

هو مشروع الحلم الذي عوّل عليه الطرابلسيون كثيرا، لكسر جدار الحرمان والاهمال المزمنين وسوء آداء الدولة تجاه العاصمة المملوكية الثانية بعد القاهرة، نظرا لما تختزنه من معالم اثرية لطالما رسمت المشاريع ووضع الخطط لاستثمارها ورفد المدينة بالسياح وتنشيط الحركة الاقتصادية وتحسين الواقع المعيشي للاهالي.

سنوات مرت وما يزال المشروع يراوح مكانه رغم انقضاء المهلة الزمنية المقررة لانتهاء الاعمال، والتي واجهت عراقيل ميدانية واخرى سياسية وأمنية، افضت الى توقف الاعمال لبعض الوقت واعادة البدء بها، من دون ان يكون هناك جهة مسؤولة تحاسب المقصرين عن التأخير أو عن سوء التنفيذ الذي يتبدى للمراقب العادي قبل المعنيين.

البلدية حاولت مجددا إعطاء المواطنين والرأي العام والممولين تطمينات بأن الأمور تسير على ما يرام وأن المشروع شارف على الدخول في مرحلته الثالثة، وكأن المرحلتين الاولى والثانية قد انتهيتا بالشكل المطلوب، خصوصا أن العمل ما زال في المرحلة الثانية، في حين ان المشاكل والعيوب بدأت تظهر منذ إنطلاق المرحلة الاولى.

المشروع الذي يموّل من دول أوروبية بمبلغ قدره 20 مليون دولار كانت اضيفت اليه مؤخرا 10 ملايين دولار، ويشمل سقف جزء من نهر أبو علي وتحويله الى سوق للبسطات، وتأهيل البنى التحتية المحيطة بالنهر وصولا الى الاسواق القديمة والقلعة، مرورا بـ″التكية المولوية″، والتي انجزت الدولة التركية اعمال تأهيلها، بانتظار افتتاحها رسميا مع انتهاء مشروع الارث الثقافي، فضلا عن ترميم الاسواق وخان العسكر وخان الصابون وتاهيل الارصفة واقامة الحدائق.

لكن مع مرور الوقت وارتفاع الأصوات في طرابلس ومن قبل أعضاء في المجلس البلدي ومهتمين وفاعليات، نتيجة الاخطاء التي ارتكبت خلال تنفيذ المشروع والخوف من استكمال العمل بهذه الطريقة وخسارة طرابلس فرصة الاستفادة من هكذا مشروع حيوي، حذر متابعون من ″كارثة قد تحل بتلك المنطقة في حال لم يتم وضع حد للتجاوزات التي تقوم بها البلدية ومجلس الانماء والاعمار على حد سواء″.

ويوضح رئيس لجنة الاثار والتراث في بلدية طرابلس الدكتور خالد تدمري ″ان البلدية بشخص رئيسها تتجاهل كل التحفظات وكل التقارير التي نرفعها بشأن سير الاعمال وضرورة مراقبة المتعهد والزامه بدفتر الشروط”″.

ويقول تدمري: ″المرحلة الاولى التي انتهت هي سيئة للغاية، وشملت ترميم سوق البازركان وبركة الملاحة وسوق النحاسين وأجزاء من قلعة طرابلس، فضلا عن طلاء واجهات المباني المطلة على النهر لجهة ضهر المغر، والمرحلة الثانية تشمل سقف النهر الذي كنا اعترضنا عليه منذ البداية، وترميم خان العسكر، وانشاء حديقة في محيط جامع البرطاسي، وتنظيم السير وتحويله عند ضفتي النهر″.

ويضيف: ″المرحلة الثالثة من المفترض ان تشمل ترميم محيط منطقة باب الحديد وقلعة طرابلس وخان الصابون، اضافة الى استكمال ترميم واجهات الابنية الاثرية في سوق العطارين″.

ويتابع تدمري: ″للاسف كل الاعمال التي حصلت لم تنفذ بشكل جيد، لا بل ان بعض الاعمال شوهت الاماكن الاثرية وغيرت في معالم المدينة، خصوصا لجهة أبواب المحلات  الخشبية التي تم إزالتها ووضع أبواب حديد مكانها، فضلا عن ترميم واجهات المباني في سوق النحاسين، وهي اليوم بأسوأ وضع بعد مرور الوقت، لان العمل لم يشمل ترميم داخل تلك المباني بما يضمن نجاح عملية الترميم، ناهيك عن الارصفة التي لا يحتاج وضعها الى شرح″.

ويشير تدمري الى أننا ″اعترضنا وحذرنا من خطورة استكمال المشروع بهذه الطريقة، ولكن للاسف رئيس البلدية يتعاطى معنا باستخفاف وهو يتفرد بالرأي ويجتمع مع مجلس الانماء والاعمار من دون مراجعتنا او الأخذ برأينا″.

ويختم: ″المشروع هو بمثابة كارثة على المدينة في حال لم يوضع حد للشركة المتعهدة ويتم مراقبة اعمالها والضغط عليها لتحسين العمل وتنفيذ دفتر الشروط″.

وكان رئيس البلدية احمد قمر الدين عقد اجتماعا  في مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي، مع تجار الاسواق القديمة في مدينة طرابلس لعرض مشروع تأهيل وترميم الأسواق التاريخية الوسطى والجنوبية لمدينة طرابلس، وهي المرحلة الثالثة من مشروع الإرث الثقافي والتنمية المدنية، حيث شرح ″اهمية اللقاء، لتوضيح مشروع الارث الثقافي وحيثياته والأهداف المرجوة منه″، وقال: ″ يأتي لقائنا في اطار شرح أهداف المشروع، والمشاكل بحسب واقع الحال للسوق، وعرض تفاصيل المشروع المقترح وخطة العمل الموضوعة لتنفيذ وإنجاز الاشغال″.

Post Author: SafirAlChamal