تساؤلات في القلمون: هل في نعش إبراهيم مغيط.. رفات؟!… روعة الرفاعي

على وقع صوت الرصاص والمفرقعات النارية ودموع الأهالي وأنين الوالد والشقيق والزوجة إستقبلت بلدة القلمون رفات ابنها المعاون أول الشهيد ابراهيم مغيط الذي كان قد غادرها منذ ثلاث سنوات ونيف ″ببذته العسكرية تلبية لنداء الواجب″ ليعود اليها رفات داخل ″نعش″ منع الأهالي من فتحه لألف سبب وسبب!.

عند أوتوستراد القلمون تجمهر الأهالي من سكان المنطقة ومناطق عكار والضنية لاستقبال الشهداء الذين سقطوا على يد ارهابيي “داعش”، هذا الأوتوستراد والذي احتضن طيلة السنوات الثلاث الماضية اعتصامات الأهالي الذين طالبوا مراراً وتكراراً بعودة أبنائهم أحياء، فاذا بهم يعودون اليه اليوم لاستلام “فلذات أكبادهم رفاتاً داخل نعوش، لن يُسمح لهم بفتحها مما أثار حفيظتهم وزاد في حرقتهم، وهم المطالبون بتقبل الواقع كما هو، من دون أن يحق لهم طرح السؤال ولا حتى توجيه الملامة، يكفيهم بحسب ما يفيد به البعض بأن أبناءهم اليوم سقطوا شهداء الوطن، وإفتدوه بأرواحهم وهذه رسالتهم.

وعلى طول الأوتوستراد اصطف أهالي منطقة القلمون، والذين وقفوا دائماً الى جانب أهل ابراهيم، ساندوهم في كل الاعتصامات التي نفذوها طيلة السنوات الماضية، وعن الحدث الجلل يقولون:″هي كذبة كبيرة، ″داعش″ والدولة اللبنانية اتفقا على هدر دم شبابنا بكل دم بارد، وازاء هذا الواقع الأليم لا  يمكننا الا أن نتضرع الى الله بغية الانتقام من كل الحكام الظلام″.

وتؤكد خالة إبراهيم على الظلم اللاحق بأهل إبراهيم وكل الشهداء، حينما منعوا من فتح النعوش، وتسأل من يضمن وجود رفات داخل النعش؟، من سيوضح لنا تفاصيل هذه الجريمة الغامضة؟، الحقيقة اننا لا نصدق شيئاً مما يقولون، وجل ما يمكننا القيام به هو الانتقام منهم في زمن الانتخابات النيابية، فضلاً عن امنياتنا الكبيرة بأن يصيبهم ما أصابنا ويتجرعون من نفس الكأس.

وعند وصول موكب الشهداء عند مدخل بلدة القلمون بدأ اطلاق الرصاص بكثافة مترافقاً مع المفرقعات النارية، ليتابع الموكب سيره باتجاه عكار والضنية في حين أنزل نعش الشهيد ابراهيم والذي حمل على الأكف وسط زغاريد الأهل وهتافات “لا اله الا الله والشهيد حبيب الله .

ولحظة وصول النعش الى أمام منزل العائلة ألقى عناصر من الجيش اللبناني التحية العسكرية وعزفوا النشيد الوطني اللبناني، أما نعش الشهيد ابراهيم فبدأ بشق طريقه بصعوبة وسط الحشود الشعبية التي أمت منزل العائلة.

داخل المنزل أجواء الحزن خيمت على العائلة والأب سمير الذي فقد السيطرة على نفسه وأغمي عليه مما تتطلب استدعاء عناصر من الجمعية الطبية الاسلامية والتي عملت على اسعافه، أما زوجته والتي رفضت الكلام كما في السابق فانها لم تصدق أن النظرة الأخيرة لابراهيم ستكون من خلال “نعش مقفل” يحتضن ربما رفات زوجها، وربما الغموض الذي يلف هذه القضية منذ  بداياتها وحتى خواتيمها التعيسة.

والى جانب النعش يقف شقيقه نظام حائراً متسائلاً ماذا سيقول لأبناء شقيقه ابراهيم، وهو الذي وعدهم بقرب عودته من السفر، ماذا سيقول، وهم أطفال لا يعرفون معنى الشهادة كما لا يتذكرون ملامح والدهم؟، كيف سيتقبل واقعاً مرفوضاً في الأساس؟، كيف سيزور قبر أخيه غداً وهو لا يعرف حقاً ان كان القبر يضم رفات شقيقه بالفعل أم أن لابراهيم مكاناً آخر دفن فيه منذ العام 2015 وما نشهده اليوم ليس سوى الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل الدرامي الطويل؟.

نظام الذي كان له صولات وجولات مع الوسائل الاعلامية في السابق، بهدف ابداء رأيه تارة ومناشدة السياسيين ضرورة التفاوض من أجل اطلاق سراح شقيقه وكل العسكريين المخطوفين تارة أخرى، ومناشدة أبناء الوطن الوقوف الى جانبهم في كل الأحيان، لم يحسن الكلام هذه المرة واكتفى ″برفع اليد أمام وسائل الاعلام كافة رافضاً التصريح″، وحدها الدموع التي ملأت عينيه يمكنها نقل الحزن الذي يعتريه وحجم المأساة التي يعيشها في هذه اللحظة والتي تفوق معاناة السنوات الماضية.

أسدل الستار عن قضية ″العسكريين المخطوفين″ والتي شغلت الأهالي والرأي العام والبعض من السياسيين، أسدل الستار على جرح لن يندمل لدى الأهالي نظراً للماساة التي رافقت خواتيمها، وان كان الشارع الذي سمي باسم الشهيد ابراهيم في منطقة القلمون يأتي تتويجاً وتكريماً لتضحياته الا انه سيبقى شاهداً على ″جريمة العصر، جريمة دانها الشعب اللبناني برمته ووافق عليها وكالعادة جميع السياسيين″.

Post Author: SafirAlChamal