خصوم حزب الله وتسوية ″داعش″: مخطىء ولو أصاب!… عبد الكافي الصمد

أثار إنسحاب مقاتلو تنظيم ″داعش″ من جرود بلدتي القاع ورأس بعلبك في الجرود الشرقية لمنطقة البقاع، باتجاه الحدود السورية ـ العراقية، سجالاً سياسياً واسعاً في لبنان لم ينته بعد، بعدما اتهم خلاله أطراف مناوئون لحزب الله بأنه ″ترك″ الإرهابيين يفرّون بجلدهم، بينما كان المطلوب القضاء عليهم، والإنتقام منهم على ما ارتكبوه بحق جنود إختطفوهم من عرسال وقتلوهم قبل قرابة ثلاث سنوات.

″تسهيل″ حزب الله لإرهابيين بالفرار، وانتقالهم بباصات مكيفة ومريحة إلى سوريا، كما علقت أكثر القوى والشخصيات السياسية المعارضة لحزب الله، وصفت ما حصل بأنه ″فضيحة″ لا تغتفر، وصولاً إلى حدّ اتهام حزب الله بأنه ″حليف طبيعي″ للتنظيم، وأن الحزب بتصرفه هذا يستمر في ″كسر″ هيبة الدولة، وأنه لم يراع مشاعر عائلات العسكريين الذين انفطرت قلوبهم وهو يرون قاتلي أبنائهم وهم يغادرون جرود البقاع، من غير أن ينالوا عقابهم على جرائمهم.

ولم تجد نفعاً لدى خصوم حزب الله كل التوضيحات التي صدرت عنه وعن أمينه العام السيد حسن نصر الله، الذي برّر ″التسوية″ بأنها كانت تهدف لكشف مصير العسكريين التسعة المخطوفين لدى تنظيم داعش، وآخرين من عناصر الحزب وقعوا بأيدي التنظيم في سوريا، وأنه ذهب بنفسه إلى دمشق والتقى الرئيس السوري بشار الأسد طالباً منه المساعدة في ″التسوية″ المقترحة، بعدما اشترط التنظيم للكشف عن مصير العسكريين تسهيل إنتقال مقاتليه مع عائلاتهم إلى سوريا، ولأن ″الإنتصار″ على داعش، لأسباب إنسانية أولاً، سيبقى ناقصاً دون كشف مصير العسكريين المخطوفين.

خلال هذه الفترة كان خصوم حزب الله، في الداخل والخارج، يشنّون عليه حرباً لا هوادة فيها، سياسية وإعلامية، وتأليب الرأي العام عليه، بمن فيهم أهالي العسكريين، محاولين إقناعهم أن الحزب ″باع″ قضية أبنائهم لتحقيق مصالحه الخاصة، معتبرين ″المفاوضات″ التي أجراها مع داعش بهذا الخصوص ″مرفوضة″ و″تمثيلية″.

لكن هذه ″الفورة″ في الهجوم ضد حزب الله سرعان ما خمدت وتلاشت، عندما أعلن الرئيس سعد الحريري، من فرنسا التي يقوم بزيارة رسمية إليها، في مقابلات إعلامية مع صحف ومحطات تلفزة فرنسية، أنه ″قبلنا فتح باب التفاوض مع ″داعش″، إذا كان من صلبه مصير العسكريين المخطوفين″.

ولم يكتف الحريري بذلك، بل كشف في مقابلة أجرتها معه جريدة ″لوموند″ أنه ورئيس الجمهورية ميشال عون ″هما من سمحا لمسلحي داعش بعبور الحدود، مقابل معلومات عن مكان وجود جثث الجنود″، مضيفاً أن ″نقل المسلحين بالحافلات إلى شرق سوريا كان بقرار من حزب الله والسوريين″.

كان هذا الكلام كافياً كي تتوقف الأوركسترا السياسية والإعلامية المتخاصمة مع حزب الله عن التصعيد، وهو توقف شكل فضيحة كبيرة من نوع آخر، إذ أظهرت أن أصحابها يجهلون حقيقة ما جرى ويجري، وأن مواقفهم تنقصها الدقة المصداقية، وأن خصومتهم مع حزب الله قائمة على مبدأ ″عنزة ولو طارت″، وهو ما ظهر أمس في كلام نائب القوات اللبنانية أنطوان زهرا التبريري، بقوله إن ″رئيس الحكومة سعد الحريري يمثل الحكومة، لكنه لا يأخذ قرارات عنها″، مضافاً إليه تصريح وزير الشؤون الإجتماعية بيار أبي عاصي، المحسوب على القوات اللبنانية أيضاً، بقوله إن الحكومة ″لم تكن على علم بما قاله الحريري عن التنسيق بينه وبين عون لاستعادة العسكريين″.

Post Author: SafirAlChamal