ميقاتي يسلّف الحريري.. شخصيا وحكوميا… غسان ريفي

يدرك الرئيس نجيب ميقاتي أن ما شهدته ساحة رياض الصلح لدى نزول الرئيس سعد الحريري لمخاطبة المحتجين على زيادة الضرائب، لم يكن يستهدف رئيس مجلس الوزراء السني، أو مقام الرئاسة الثالثة، وأن لو أي مسؤول سياسي من أي طائفة كان، نزل الى الساحة في هذا التوقيت لكان تعرض لما تعرض له الحريري وربما أكثر، نظرا للغضب الذي كان يتملك المواطنين.

ويدرك الرئيس ميقاتي أيضا، أن الحراك المدني ليس ضد شخص رئيس الحكومة فحسب، بل هو ضد كامل مكونات السلطة السياسية التي تريد أن تضاعف من الأعباء على كاهل الشعب اللبناني بفرض ضرائب جديدة عليه، وأن هذا الحراك لا ينشد الغوغائية أو الاخلال بالأمن، وهو بدأ بالانسحاب تباعا من ساحة رياض الصلح عندما وجد أن الأمور بدأت تتفلت من عقالها منهيا بذلك التظاهرة الاحتجاجية.

لكن ما بادر إليه ميقاتي يوم أمس، على صعيد إستنكار التعرّض لموقع رئاسة مجلس الوزراء، والاساءة لشخص الرئيس الحريري، كان خطوة إستباقية على طريق تأمين الحماية الكاملة للموقع الأول للسنة في لبنان، خصوصا أنه كان سبق وحذر أكثر من مرة، من محاولات المسّ بصلاحيات رئيس الحكومة.

لا يختلف إثنان على أن ميقاتي لم يعامل الحريري وتيار المستقبل بالمثل، علما أن أنصار التيار الأزرق قادوا هجوما على السراي الحكومي لاسقاط حكومة ميقاتي غداة تشييع اللواء الشهيد وسام الحسن في وسط بيروت، تحت شعار “يا شباب ويا صبايا يللا يللا ع السرايا”، وكان متواجدا آنذاك في التشييع كل قيادات المستقبل الذين لم يحركوا ساكنا حيال إقتحام السراي التي لم يسبق أن تجرأ أحد على إقتحامها حتى في عز الحصار الذي كان مفروضا عليها خلال الحكومة البتراء برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة.

وبالرغم من كل ما شهده ذاك اليوم الذي وُصف بالأسود، لم يبادر الرئيس سعد الحريري أو أي من أركان كتلته الى الدفاع عن مقام رئاسة الحكومة الذي إستهدف في الصميم، في حين آثر الرئيس نجيب ميقاتي ردّ الاساءة التي تعرض لها قبل سنوات بالاحسان، فسارع الى إستنكار ما تعرض له الحريري كشخص، أو كرئيس للحكومة، والى منحه تغطية سنية إضافية بات يحتاج إليها في ظل ما يتعرض له على أكثر من صعيد.

ويترجم الرئيس ميقاتي اليوم ذلك، بتنظيم إحتفال إطلاق جائزة عزم طرابلس الدولية لحفظة القرآن الكريم التي يشارك فيها ممثلون عن 32 دولة عربية وأجنبية، برعاية رئيس الحكومة سعد الحريري، في مسجد محمد الأمين، وبحضور مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور عبداللطيف دريان، وذلك تأكيدا على دور ومقام رئيس الحكومة في رعاية هكذا أنشطة، وعلى تحويل جائزة العزم الدولية الى مسابقة وطنية تجسّد دور طرابلس كمدينة للعلم والعلماء على مستوى الوطن ككل.

ولا شك في أن وجود الرئيسين الحريري وميقاتي جنبا الى جنب في مسجد محمد الأمين تحت مظلة دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية، ستعيد تصحيح بعض الأمور، وستؤكد أن مقام رئاسة الحكومة ليس مستفردا.

Post Author: SafirAlChamal