حياتنا اليوم أضحت على إيقاع الحروبات، وهل هناك أبشع من هذه”الخبريّات” التي تطالعنا بها شاشات التلفزة وأخبار الصحف مع كل طلعة صباح و غروب شمس؟!
الشمس التي غابت لعقود من الزمن عن سجناء ربما يتعرضون للعمى عند خروجهم ورؤيتهم لها للمرة الأولى..مشاهد وواقع مرير يعيشه السجناء تنكسر له القلوب وتتفتت له الأبدان..
لكن ليست الأهمية اليوم ووسط هذا الواقع المرير لعبارات الندب وبيانات الشجب والتصريحات المستنكرة هنا و هناك ،بقدر ما تكون بما علينا القيام به و ضبطه وتقويمه اذا لزم الأمر حيال المؤسسات العقابية في لبنان..
علينا وعلى كل مسؤول انطلاقا من مركزه الوظيفي ان نعيد النظر في هذه “المؤسسات العقابية” ،في التحديات والمشاكل التي تواجهها بدءا من سير الدعوى في نظام العدالة الجنائية اللبناني الى أوضاع السجون واحترام الكرامة الانسانية للسجين،
لبنان ملتزم في وضع تشريعاته الوطنية بالشرعة الدولية لحقوق الانسان وبالقانون الدولي لحقوق الانسان وبقواعد اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة وبالقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء و هي تعرف “بقواعد مانديللا” والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة -لبنان عضو فيها- وبالتالي ملتزم بقراراتها ،
“قواعد مانديللا” عرفت بهذا الاسم تكريما لرئيس جنوب أفريقيا “نيلسون مانديللا” الذي قضى ٢٧ عاما في السجون في سياق نضاله من أجل الديمقراطية وتعزيز ثقافة السلام، تتكون هذه القواعد من ١٢٢ قاعدة تغطي القضايا المتعلقة بما يلي:
الحد الأدنى من معايير الإقامة،النظافة الشخصية،الملابس،المفروشات،الطعام،التمرين، الخدمات الطبية،الإتصال بالعالم الخارجي،توافر الكتب،الترفيه والتعليم، ممارسة الشعائر الدينية،الاحتفاظ بممتلكات السجناء، جودة وتدريب موظفي السجون وغيرها من الأمور..
فالظلم والتغافل عنه هما وجهان لعملة واحدة وهنا يستحضرني قول الإمام علي بن أبي طالب: “لاتظلمنّ اذا ما كنت مقتدراً
فالظلمُ مَرتَعهُ يُفضي الى الندمِ
تنام عينكَ والمظلوم منتبهٌ
يدعو عليك وعينُ الله لم تنمِ
الكاتبة: المحامية الدكتورة رنا الجمل
أمينة سر الهيئة الوطنية لحقوق الانسان في لبنان.
Related Posts