مرشحون يختبئون خلف المتراس الرئاسي.. والاستحقاق أمام مفترق طرق!.. غسان ريفي

تدرك المكونات السياسية اللبنانية أن المرحلة المقبلة المليئة بالتحديات، لاسيما بعد الحرب الاسرائيلية وتداعياتها الكارثية على لبنان، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، تحتاج الى رئيس للجمهورية يكون توافقيا، وطنيا، جامعا وقادرا على قيادة البلاد الى بر الأمان.

وتعمل تلك المكونات على طرح عدد من الأسماء المرشحة المقربة منها أو المحسوبة عليها، في محاولة منها الى إسقاط تلك المواصفات على مرشحيها تمهيدا لطرحها في البازار الرئاسي الذي إفتتح بشكل رسمي مع إصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على إنجاز هذا الاستحقاق في الجلسة التي دعا إليها في التاسع من شهر كانون الثاني المقبل.

يأمل الرئيس بري أن يبقى نصاب الجلسات مكتملا بحضور 86 نائبا وأكثر، وأن يحظى الرئيس المنتخب في حال أبصر النور على مثل هذا العدد وأكثر بما يمنحه الشرعية الكاملة والقدرة على مواجهة التحديات، وفي حال تعذر ذلك، وإستمر النصاب مكتملا، فإن الرئيس العتيد قد ينتخب بالنصف زائدا واحدا أو أكثر بقليل.

واللافت، أن الحرب الاسرائيلية على لبنان لم تفرض وقائع سياسية جديدة، حيث جاء وقف إطلاق النار من دون أن يبدل من التوازنات القائمة شيئا، والأمر نفسه إنسحب على سقوط نظام بشار الأسد، لذلك، فإن الرهان على نتائج الحرب الاسرائيلية أو على سقوط النظام في سوريا هو أمر خاطئ سواء في التعاطي مع الاستحقاق أو في الاستراتيجية التي قد يتبعها البعض، في ظل بعض الأصوات المعارضة التي بدأت تشيع “أننا غير مستعجلين على إنتخاب رئيس للجمهورية ويمكننا الانتظار قليلا”، وذلك تماشيا مع رؤية مستشار الرئيس دونالد ترامب مسعد بولس، حيث يعتبر هؤلاء أن الانتظار الى حين دخول ترامب الى البيت الأبيض والبدء بمهامه الرئاسية على وقع المتغيرات التي تتسارع في المنطقة من شأنه أن يجعل حظوظ المعارضة والقوات اللبنانية في إيصال مرشح مقرب منها أكبر.

وعلى مسافة 26 يوما من إنعقاد الجلسة النيابية الرئاسية المنتظرة ومن ضمنها أيام أيام أعياد الميلاد ورأس السنة، ما يزال الجمود مسيطرا على حركة الأسماء التي تختبئ خلف المتراس الرئاسي وترفض الاعلان عن ترشيحها أو تقديم برامجها قبل أن تتأكد من إمكانية التوافق عليها.

واللافت، أنه حتى الآن، لم يحظ أي مرشح بتوافق الأكثرية عليه، حيث أن الانقسامات السياسية العامودية تجعل المقبول لدى المعارضة مرفوضا عند الفريق الآخر، والمرغوب لدى الفريق الآخر مستحيلا عند المعارضة، فضلا عن مرشحين تنقسم حولهم المعارضة نفسها، ما يجعل أي مرشح من المطروحين على اللوائح التي يتم التداول بها غير قادر على الوصول الى 65 صوتا فكيف الأمر بـ 86 صوتا.

يمكن القول، إن أمرين مهمين كسرا بعضا من هذا الجمود، الأول خروج النائب نعمت إفرام من خلف المتراس الرئاسي، وإعلان ترشيحه وبدء جولته على الكتل النيابية لعرض مشروعه وتسويق نفسه، وهذا أمر فيه شجاعة سياسية في ظل الأجواء الضبابية التي تحيط بالاستحقاق، والثاني اللقاء الذي جمع قائد الجيش العماد جوزيف عون مع مسؤول الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا بحضور أحمد البعلبكي والذي حاول بعض المتضررين من هذا اللقاء الايحاء بأنه كان لقاء عاصفا وسلبيا، قبل أن تؤكد مصادر مطلعة على الاجتماع أنه كان ممتازا ووديا، ما يؤكد أن هناك من يتربص بكل إيجابية يمكن أن تصدر سواء على الصعيد الرئاسي أو على صعيد بعض التفاهمات حول تطبيق القرار 1701.

لا شك في أن الوقت بات ضاعطا، وبالتالي فإن الاستحقاق الرئاسي سيكون خلال الأيام المتبقية لانعقاد الجلسة أمام مفترق طرق، فإما الوصول الى تفاهمات تفضي الى خروج الدخان الأبيض من قبة البرلمان، أو أن ينجح المعطلون في ضرب كل المبادرات وصولا الى تأجيل الجلسة الأمر الذي سيضع لبنان في وضع لا يحسد عليه وربما يؤدي ذلك الى إطالة أمد الاستحقاق الرئاسي الى أجل غير مسمى.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal