يحرص رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على حضور الدولة في كل تفاصيل الحياة اللبنانية، وهو منذ تسلمه رئاسة الحكومة في عهد الرئيس السابق ميشال عون الى دخول لبنان في الفراغ الرئاسي المستمر منذ سنة وتسعة أشهر، يصارع من أجل بقاء الدولة وحماية مؤسساتها من الإنهيار، ويواجه كل المحاولات الرامية الى تفكيكها، ويتصدى للتعطيل والعراقيل ووضع العصي في دواليب قطار الحكم، ويتلقى بصدره سهام الاتهامات والافتراءات وشتى أنواع الاستهداف عند كل مفترق طرق، من دون أن ينعكس ذلك على آدائه السياسي المتوازن والمتوافق مع مقتضيات الدستور.
تكبر كرة النار التي يحملها الرئيس ميقاتي، من مواجهة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، الى إستيعاب المواقف السياسية الشعبوية الباحثة عن إستمالة شارع هنا أو تحقيق مكاسب هناك، الى التهديدات الاسرائيلية بإجتياح الجنوب وتدمير مناطقه والتوسع بالحرب لتطال كل الاراضي اللبنانية، والتي أصبحت بالنسبة لرئيس الحكومة خبزا يوميا مع كل موفد أو مسؤول أو مبعوث أجنبي أو دولي أو أممي يستقبله.
مع تعاظم هذه التهديدات التي بلغت ذروتها في الأيام الأخيرة وترافقت مع تحذيرات من بعض السفارات العربية والأجنبية لرعاياها بضرورة عدم السفر الى لبنان ومغادرة أراضيه للمتواجدين فيه خوفا من عدوان إسرائيلي موسع على لبنان، جاءت زيارة الرئيس ميقاتي الى الجنوب لترفع منسوب التحدي ولتكسر حواجز الخوف، ولتؤكد أن الدولة اللبنانية بحكومتها ووزاراتها وجيشها ومؤسساتها حاضرة في الجنوب وأنه جزء لا يتجزأ من مساحة الوطن اللبناني.
حرص ميقاتي في زيارته الجنوبية على الدور التكاملي بين الدولة والجيش في مواجهة المخاطر الاسرائيلية، من دون إغفال الدور الأساسي للمقاومة التي تقوم بواجباتها.
كما ساهم في إعطاء جرعة من المعنويات الى طلاب الجنوب في إستحقاقهم التربوي المفصلي المتمثل بالشهادة الرسمية والتخفيف من الضغط النفسي عليهم، بزيارتهم وتفقد أوضاعهم والتأكيد بأنهم ليسوا بمفردهم.
وجه الرئيس ميقاتي في زيارته الجنوبية رسائل عدة وفي أكثر من إتجاه، أولها أن حضور الجيش اللبناني أساسي في الجنوب وأنه يقوم بالمهمات الموكلة اليه ضمن الامكانات المتاحة، وثانيها أن العدوان الاسرائيلي لم يمنع طلاب الجنوب من إجراء إمتحانات الشهادة الرسمية إنطلاقا من صمودهم وتمسكهم بأرضهم وتطلعاتهم نحو مستقبل واعد بالعلم والمعرفة تمهيدا لابتسامة جنوبية تتوج هذه الجهود بالنجاح، وثالثها أن لبنان بكل مكوناته لا يريد الحرب، وهو ملتزم بتنفيذ القرار ١٧٠١، ومتمسك بالدفاع عن نفسه أمام الاعتداءات الاسرائيلية، ويتطلع الى تنفيذ القرار ٢٧٣٥ القاضي بوقف الحرب في غزة التي تشكل مفتاح الحرب والسلم في المنطقة، ورابعها دعوة الدول المعنية الى الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على لبنان.
أما الرسالة الأبرز التي وجهها ميقاتي، فكانت في قوله: “إن الدولة تقوم بواجباتها والمقاومة تقوم بواجباتها وهدفنا أن نحمي البلد بكل ما للكلمة من معنى”، وفي ذلك تأكيد على وقوف الدولة الى جانب أبنائها وجهوزية جيشها المستعد لتقديم كل التضحيات، وحق المقاومة المشروع والمشرّع دستوريا وضمن البيانات الوزارية في التصدي لأي عدوان على الأرض اللبنانية.
زيارة ميقاتي الى الجنوب مع وزيري التربية والصحة، وتفقده الجيش والامتحانات والمركز الصحي في إتحاد بلديات صور وما حملته من رمزية ورسائل وفي هذا التوقيت بالذات، أكدت أنه رجل دولة بإمتياز من حيث الآداء والسلوك والممارسة والتوازن، والعلامة الكاملة..