بين ″تشكيلة″ الحريري و″طرح″ عون.. طارت الحكومة!… عبد الكافي الصمد

لم يكن لدى الأوساط السّياسية في السّاعات الماضية حديث إلا عن ″التشكيلة الحكومية الكاملة″ التي قدّمها الرئيس المُكلّف سعد الحريري إلى رئيس الجمهورية أول من أمس، بعد لقائهما في القصر الجمهوري في بعبدا، وتقديم الأخير للحريري ″طرحاً متكاملاً″ حول الحكومة المقبلة.

لم تهدأ الإتصالات التي جرت على أعلى المستويات طيلة السّاعات التي تلت اللقاء، الذي استمر قرابة ساعة، لمعرفة ما دار فيه، والإستفسار عن تفاصيل التشكيلة التي قدّمها الحريري إلى عون، والطرح الذي أعطاه رئيس الجمهورية للرئيس المُكلّف، وسط تساؤلات: من يُؤلّف الحكومة، وأين هو مبدأ “التشاور” الذي نصّ عليه الدستور بين الرئاستين الأولى والثالثة لتأليف الحكومة، وهل ما حصل يسهل ولادة الحكومة أم يزيد الأمورتعقيداً؟

ملاحظات عديدة أُبديت حول اللقاء، شكلاً ومضموناً، وما يمكن أن يتركه من تداعيات، أبرزها يمكن تلخيصه بالنقاط التالية:

أولاً: قال الحريري بعد اللقاء أنّه سيعود للإلتقاء برئيس الجمهورية، الذي وعده بإنّه سيدرس “التشكيلة”، لكنه لم يحدد موعداً للقاء المقبل، عكس اللقاء الذي عقد بينهما يوم الإثنين الماضي، والذي حدد الحريري بعده موعداً للقاء أول من أمس، ما يعني أنّ فترة الإنتظار لدرس كل منهما “التشكيلة” و”الطرح” لن يكون قصيراً، وأنّ اللقاء المقبل بين الرئيسين، الذي سوف يكون الـ12 بينهما منذ تكليف الحريري تأليف الحكومة في 22 تشرين الأول الماضي، سيبقى مصيره غامضاً.

ثانياً: كشف اللقاء بين عون والحريري أنّ التفاهم بينهما، وقبله “التشاور”، لتأليف الحكومة المقبلة غائب. فالحريري قدّم إلى عون “تشكيلة” يعرف مسبقاً أنّه لن يقبل بها، ذلك أنّ تحديد عدد وزرائها بـ18 يعني أنّ حصّة الدروز ستكون وزيراً واحداً سيسميه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، واستبعاد النائب طلال إرسلان ـ حليف عون ـ عن المشاركة فيها، وهو أمر أعلن عون وفريقه رفضه المسبق له. أمّا عون فقد ردّ على الحريري بـ”طرح” قدّمه له، يعرف أيضاً بأنّ الرئيس المكلف ليس بإمكانه قبوله، لأنه سيعطيه “الثلث المعطل” داخل الحكومة المقبلة، ويعزز وضع رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل فيها، وفي آخر سنتين من عهد عون الرئاسي، وهو ما لا يقدر الحريري على منحه له بعد فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات عليه.

ثالثاً: بدت علامات الإرتياح بادية على الحريري بعد اللقاء، كما كان حال اللقاء السابق يوم الإثنين الماضي، وهو ألقى كلمة قصيرة مكتوبة بالعامّية بدا فيها مربكاً، وغادر من غير أن يردّ على أسئلة الصحافيين، وبدا أنّه يحاول تجنّب الإدلاء بأيّ موقف خشية أن يزلّ لسانه بعبارة غير محسوبة أو مكتوبة قد تعقّد أمر التأليف أكثر.

رابعاً: ضخّ البعض، قبل اللقاء وبعده بقليل، تسريبات غُلّفت ببعض التفاؤل، ودفعت جنبلاط إلى توقّع خروج “الدخان الأبيض” قريباً، وحمّست آخرين على الدعوة لتوزيع “المغلي” إيذاناً بولادة الحكومة، لكنّ هذا التفاؤل سرعان ما انحسر، وسط غموض تام حول موعد اللقاء المقبل بين الرئيسين لمعرفة مصير “التشكيلة” و”الطرح”.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal