الحريري يُصعّب المهمّة على نفسه: إبعاد التيّار والحزب!… عبد الكافي الصمد

بعد مضي أقلّ من نصف ساعة على لقائه مع رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، أول من أمس الإثنين، خرج الرئيس المكلف سعد الحريري، وعلامات عدم الإرتياح بادية عليه، ليكتفي بالقول إنه “تشاورت مع فخامة الرئيس (في مسألة تأليف الحكومة)؛ الأربعاء (اليوم) سأعود في مثل هذا الوقت، وسيكون هناك لقاء نحدد فيه الكثير من الأمور ‏الأساسية إن شاء الله”.

تسريبات وتحليلات كثيرة سبقت صعود الحريري إلى بعبدا، ذهب بعضها في التفاؤل بعيداً، إلى حدّ أنّ البعض توقع أن يحمل الحريري معه تشكيلته الحكومية، التي مضى أكثر من شهر ونصف على تكليفه تأليفها في 22 تشرين الأول الماضي، وأنّ لقاءه مع عون سيتم فيه وضع اللمسات الأخيرة على الصيغة الحكومية، وأن الحكومة إذا لم تولد الإثنين، فإنّها ستولد الأربعاء بالتأكيد.

لكنّ مؤشّرات وتسريبات عديدة دفنت هذا التفاؤل في مهده، ورسّخ الإنطباع في أنّ التأليف لن يكون قريباً، أهمها:

أولاً: في الشكل لم يترك لقاء عون والحريري إرتياحاً في مختلف الأوساط السّياسية عن أنّ تأليف الحكومة قد اقترب أوانه. فمدّة اللقاء القصيرة بعد انقطاع التواصل بين الرجلين أكثر من 20 يوماً، والإمتعاض الذي ظهر على وجه الحريري بعد اللقاء، أكدت أن الأجواء بينهما لم تكن مريحة، وأنّها لا تختلف عن أجواء اللقاء السابق قبل ثلاثة أسابيع، وأدّت إلى قطيعة بينهما طيلة هذه الفترة.

ثانياً: في المضمون كشفت معلومات وتسريبات أنّ لقاء أول من أمس بين عون والحريري لم يكن أفضل من اللقاء الذي سبقه، وأنّه كما اقترح الحريري على عون رؤيته لتأليف الحكومة، ورفضها عون حينذاك، فإنّ ما حمله معه من أفكار للخروج من حال المراوحة التي تدور فيها مسألة التأليف لن يكون مصيرها أفضل.

واتضح أنّ الحريري الواقع تحت ضغوطات أميركية كبيرة لإبعاد حزب الله عن الحكومة المقبلة، إستجاب لضغوطات إضافية تقضي بإبعاد التيّار الوطني الحرّ عن هذه الحكومة، خصوصاً بعد فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على رئيس التيّار البرتقالي النائب جبران باسيل. وهو لهذه الغاية إقترح على عون تأليف الحكومة المقبلة بلا مشاركة التيّار فيها، وأن يُهمّشه داخلها بحصة تقلّ عن ما لا يراه متناسباً مع موقعه وحجمه السّياسي والنيابي ودور الحكومة المقبلة، التي يرى البعض أن عمرها سيطول إلى حين انتهاء ولاية عون الرئاسية، وحتى إلى ما بعدها، ما ترك إنطباعاً أن لقاء اليوم، الذي أعلن عنه الحريري، يُرجح أن لا يعقد، وإذا عقد لن يكون مصيره أفضل ممّا سبقه.

ثالثاً: يأتي هذا الكباش السّياسي حول تأليف الحكومة المقبلة وسط أجواء كارثية تنذر بانفجار الوضعين المعيشي والإجتماعي على نحو بالغ الخطورة، وسط تجاهل غريب من قبل الحكومة والطبقة السياسية، ويهدد الوضع الأمني الهشّ بالإنفلات، نتيجة توجّه حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسّان دياب إلى رفع الدعم عن سلع أساسية، غذائية كالطحين، إضافة إلى المحروقات والدواء.

هذا التدهور المعيشي حذّر منه صندوق الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” ومنظمة العمل الدولية، اللتان نبّهتا بأنّه “سيكون تأثير إلغاء دعم الأسعار على الأسر ‏الأكثر ضعفاً في البلاد هائلاً، ومع ذلك لا يوجد شيء تقريباً للمساعدة في تخفيف ذلك”، وأشارتا إلى أنّه “من الأهمية بمكان ان ندرك أن اجتياز لبنان لمنحدر آخر الآن، من دون وضع نظام شامل ‏للضمانات الإجتماعية أولاً، سيلحق كارثة إجتماعية بمن هم أكثر ضعفاً”.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal