مؤشّرات إنهيار قريب تلوح في الأفق.. ولا معالجات!… عبد الكافي الصمد

تكاد تُجمع جميع التقديرات والمواقف والمعلومات على أنّ بداية العام المقبل ستشهد العدّ التنازلي للإنهيار الإقتصادي والمالي والإجتماعي الكبير، بالتزامن مع التناقص الحاد في خزينة مصرف لبنان من العملات الصعبة إلى حدود 800 مليون دولار، مخصّصة لدعم المواد الغذائية والدواء والمحروقات، وهو مبلغ يكاد يكفي فقط حتى نهاية الشهر الجاري.

من هنا وحتى نهاية هذا الشهر، يطرح المعنيون السّياسيون والإقتصاديون حلّين أحلاهما مرّ، ومؤقتين وليسا دائمين، أي تأجيل الحلّ وتجميد المشكلة مؤقتاً بانتظار حلّ وترياق خارجي ليس هناك مؤشّرات على قدومه في المستقبل المنظور.

يُقدّم المعنيون هذين الحلّين ـ وهما أشبه بترقيع المشكلة على الطريقة اللبنانية وكأنّهما المخرج الوحيد للأزمة؛ الرأي الأول يقول بضرورة التوقّف عن دعم المواد الغذائية والدواء والمحروقات، لأنّ ذلك برأيّهم يؤخّر الإنهيار والإفلاس 3 أشهر على الأقل، برغم أن إيقاف الدعم يعني إرتفاع أسعار هذه السلع بشكل جنوني، ويجعل قدرة طبقة الفقراء، وهي الأغلب، على التحمّل معدومة، ويهدّد باندلاع ثورة في الشّارع لا يعرف أحد إلى أين ستصل بالبلاد، وهو ما يجعل أصحاب الرأي الآخر يرفضون قرار إيقاف الدعم، والبحث عن حلول أخرى في الوقت القليل المتبقّي قبل وقوع الكارثة.

المتفائلون، على قلّتهم، يُعوّلون على “المؤتمر الدولي الثاني لدعم بيروت والشعب اللبناني” الذي سيُعقد غداً بواسطة تقنية الفيديو، بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بدلاً من مؤتمر “سيدر” المؤجّل حتى إشعار آخر، في أعقاب تعثر المبادرة الفرنسية لمعالجة الأزمة اللبنانية، إنطلاقاً من أنّ 35 دولة ستشارك فيه، لمساعدة لبنان في مواجهة تداعيات إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب، علماً أنّ المبلغ المُقدّر أن يُرصد لهذه الغاية، في أحسن الأحوال، لن يزيد على مليارين ونصف مليار دولار، وهو مبلغ يعطي البلاد جرعة دعم مؤقتة لإيقاف الإنهيار بضعة أشهر.

هذا التشاؤم الإقتصادي توقف عنده طويلاً البنك الدولي، الذي نبّه في تقريره الأخير، إلى أنّ الأزمة الإقتصادية الحادة في لبنان جعلت الإقتصاد عرضة “لكساد شاق” وصفه بـ”المتعمد” مع إخفاق السلطات في احتواء الإنهيار، وحذر من أنّ لبنان “يعاني إستنزافاً خطيراً للموارد، بما في ذلك رأس المال البشري، حيث باتت هجرة العقول تٌمثل خياراً يائساً على نحو متزايد”.

البنك الدولي الذي لفت إلى أنّ انهيار العملة أدى إلى “معدلات تضخم تجاوزت حدّ المئة في المئة”، رجّح أن تكون الأزمة الإقتصادية “أعمق وأطول من معظم الأزمات الإقتصادية”، موضحاً أنّ “المساعدات الدولية والإستثمار الخاص يشكلان ضرورة لتحقيق الإنتعاش وإعادة الإعمار الشاملين”.

وسط هذه المؤشّرات الإقتصادية والمالية والإجتماعية البالغة الشؤم، برزت مؤشّرات سياسية وأمنية مماثلة، وتثير الكثير من القلق نظراً لانسداد أفق الحلول على كلّ الصّعد بلا استثناء.

هذه الأجواء المتشائمة عبّر عنها المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم، الذي أوضح أمس، في لقاء صحافي، أنّ “الأجواء الخارجية لا توحي بتأليف حكومة قريبة”، ما يعني أن مرحلة الجمود ستطول، وهي مرحلة عبّر ابراهيم عن خوفه منها، أمنياً، عندما حذّر بكلام واضح وصريح، بقوله إنّه “في هذه الفترة يجب أن يأخذ كلّ ‏مسؤول حذره لأنّ الأمور ضائعة خصوصاً بعد نتائج الإنتخابات الأميركية، إذ إنّ هناك أجهزة كثيرة في المنطقة والعالم، تجد اليوم أنّ الوقت ملائم لتصفية حسابات قد تصل ‏لحدود التصفيات”.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


Post Author: SafirAlChamal