حكومة الحريري مؤجّلة إلى ما بعد صيف 2021!… عبد الكافي الصمد

بات واضحاً أنّ لا حكومة ستولد قريباً، وتزداد القناعة يوماً بعد آخر، في ضوء التطوّرات المتلعقة بالحكومة، أنّ الرئيس المكلّف سعد الحريري لن يُؤلّف حكومته هذا العام، وأنّ اللبنانيين سينتظرون طويلاً قبل أن تبصر الحكومة المنتظرة النّور.

أقرب المواعيد التي أعطيت لولادة الحكومة هو ما بعد 20 كانون الثاني المقبل، وهو اليوم الذي يفترض أن يتسلم به الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مقاليد السلطة في البيت الأبيض من الرئيس الحالي دونالد ترامب، بالرغم من أنّ هذا الموعد تدور حوله الكثير من الشكوك والتساؤلات التي لم تجد أجوبة عليها بعد.

هذه الشكوك والتساؤلات ليست متعلقة بالتجاذبات الدائرة حالياً في بلاد العم سام حول نتائج الإنتخابات التي جرت في 3 من الشهر الجاري، علماً أن تاثير ما يحصل بالداخل الأميركي يمتد ليشمل العالم كلّه، ولبنان ليس بعيداً عن هذا التأثير.

أبرز النقاط التي تمحورت حول الشكوك والتساؤلات المتعلقة بولادة الحكومة في لبنان يمكن تلخصيها بالآتي:

أولاً: نقل الأميركيون إلى الحريري موقفاً واضحاً هو رفضهم مشاركة حزب الله في الحكومة، مباشرة عبر محسوبين عليه أو غير مباشرة عن طريق مقربين منه، وحذّروا من أنّ مشاركة حزب الله في الحكومة المقبلة سيجعل لبنان تحت وطأة عقوبات قاسية جدّاً. كما أن فرض الأميركيين عقوبات على رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل جعل الحريري في موقع حرج يمنعه من التشاور مع باسيل في مسألة تأليف الحكومة، برغم أن الأخير يرأس أكبر كتلة نيابية ومسيحية في البرلمان.

وزاد الأمر تعقيداً أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون أبدى تشدّداً أكبر وتمسكاً بمواقفه حيال تأليف الحكومة، بعد فرض العقوبات على باسيل، ما جعل أبواب التأليف مغلقة حتى إشعار آخر، وأدى إلى انقطاع أي تواصل أو لقاء بين عون والحريري، وهما الشريكان الرئيسيان والوحيدان دستورياً في ملف الحكومة، منذ 10 أيّام.

ثانياً: التفاؤل الذي يبديه البعض في لبنان بإمكانية تأليف الحكومة بعد تسلم بايدن مقاليد السلطة في الولايات المتحدة الأميركية لا يستند سوى إلى آمال غير مرتبطة بالواقع، إذ أن الموقف من حزب الله والعقوبات على باسيل غير قابلة للتغير في الإدارة الاميركية، وهي مواقف ثابتة لا تتغير كائناً من كان سيتربع على كرسي الرئاسة في الولايات المتحدة، وهذه المواقف معروفة وثابتة، وتتلخص في أمرين: مصالح أميركا واستقرار وأمن الكيان الصهيوني.

ثالثاً: يذهب المتشائمون بتعذّر تأليف الحكومة قريباً، ليس إلى حين طيّ ملف الإنتخابات الرئاسية الأميركية بعد أقل من شهرين، إنّما إلى أبعد من ذلك، ويرون أنّ الأشهر الستّة من العام المقبل، فضلاً عن الأيّام الفاصلة حتى نهاية هذا العام، ستشهد تصعيداً أميركياً وإسرائيلياً وغربياً في المنطقة، وطبول الحرب التي تُقرع في المنطقة واحدة من هذه الضغوطات، كما أنّ الإدارة الأميركية، الحالية والمقبلة، ستتريث في إبداء أي مرونة حالية تجاه خصومها في المنطقة، وستؤجل ذلك تحديداً إلى ما بعد إستحقاقي الإنتخابات الرئاسية في سوريا، المحدّدة بين 16 نيسان و16 أيّار المقبلين، والإنتخابات الرئاسية الإيرانية في 18 حزيران المقبل، وأن الإدارة الأميركية ستمارس أقسى أنواع الضغوط على البلدين بانتظار ما ستسفر عنه نتائج الإستحقاقين في البلدين، ولا شك في أن لبنان يقع بين فكّي رحى هذه العقوبات.

ولعلّه ليس عبثاً أن يُنقل عن الحريري قوله إنه لن يعتذر عن تكليفه تأليف الحكومة ولو بقي رئيساً مكلفاً حتى نهاية عهد عون بعد سنتين.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal