ذكرى إستقلال ناقص: لبنان أمام تهديد وجودي… عبد الكافي الصمد

أكثر من ذكرى تحلّ يوم الأحد المقبل، 22 تشرين الثاني الجاري، فهذا اليوم يُصادف الذكرى الـ77 لاستقلال لبنان عن الإنتداب الفرنسي عام 1943، من غير أن يستطيع اللبنانيون أن يجعلوا إستقلال بلادهم ناجزاً؛ وتتزامن ذكرى الإستقلال مع مرور 100 سنة على ولادة “دولة لبنان الكبير” في الأول من أيلول عام 1920 على يد الفرنسيين، الذين تنبؤوا ـ وهي مفارقة لافتة للإنتباه من رعاة ولادة بلاد الأرز ـ بزوال هذا البلد عن الخارطة، لأنّه غير قادر على تجاوز ومعالجة الأزمات العديدة التي يواجهها.

ذكرى الإستقلال يوم الأحد المقبل تتقاطع مع مرور شهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، من غير أن يلوح في الأفق القريب أي إمكانية جدّية لتشكيل الحكومة، بسبب الشروط الصعبة التي تعترض رئيسها الذي يبدو عاجزاً عن معالجتها أو تلبيتها.

وكتعبير عن أزمات البلاد التي باتت مستعصية على الحلّ إلا “بطلوع الروح”، فإنّ الإحتفال بذكرى الإستقلال ستغيب هذا العام، وإذا كانت الحجّة هي الخشية من تفشّي فيروس كورونا، والإحتياط منه، فإنّ إلغاء الحفل والإكتفاء باحتفال رمزي، يعود إلى الإنقسام السّياسي والتوتر الذي تشهده الساحة اللبنانية، والذي سيشهد تواجد 4 رؤساء على المنصة الرئيسية للإحتفال، هم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيسي الحكومة ـ رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري ـ وهو مشهد يدلّ على أزمة النّظام السّياسي وعلى عجز الطبقة السياسية عن معالجتها، خصوصاً أنّ مشهد جلوس رئيسين للحكومة في احتفال الإستقلال تكرّر أكثر من مرّة في السنوات الأخيرة.

ومن باب المصادفة، ربّما، يصادف هذا الشهر أيضاً ذكرى مرور سنة على ظهور أول اصابة بفيروس كورونا المستجد “كوفيد 19” في مدينة ووهان الصينية، وهو فيروس أثار الرعب في جميع العالم، بعد تجاوز عدد المصابين به، حتى يوم أمس، 56 مليوناً، والمتوفين مليوناً و360 ألفاً، وهو رعب نال لبنان نصيبه منه، الذي بلغ عدد المصابين به يوم أمس أكثر من 111 ألفاً، والوفيات 868، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ قرار بإقفال البلد أسبوعين لمنع الفيروس من التفشّي، وسط مخاوف واسعة.

لكنّ هذا الإقفال لم يكتم المخاوف التي عبّر عنها أمس وزير الصحّة حمد حسن في مؤتمر صحافي، أعلن فيه أنّ “التحسّن الملموس في خفض عدد الإصابات بكورونا لم يتحقق بعد، وهو أمر طبيعي”، ما دفع مصادر مطلعة إلى التعليق بأن “قرار الإقفال لم يكن لتخفيف الإصابات، إنّما لتخفيف الضغط على المستشفيات التي باتت غير قادرة على استقبال المزيد من المرضى المصابين بالفيروس، وبسبب التأخّر باكتشاف عقار لمعالجة المصابين بالفيروس، بعدما كشف، أمس، أنّ العقار الجديد الذي تروّج له عدّة شركات، لن تصل الدفعة الأولى منه إلى لبنان قبل شهر نيسان من العام المقبل، وأنّ الكمية التي ستصل لن تزيد على 20 في المئة من حاجة لبنان.

كل ذلك يحصل وسط انهيار تاريخي لليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي، وارتفاع نسب البطالة، واتساع رقعة الفقر لتشمل أكثر من 60 في المئة من اللبنانيين على أقلّ تقدير، وهجرة واسعة تكاد تجعل لبنان خالياً من نخبه في مرحلة أولى، ومن أغلب سكانه في مرحلة لاحقة.

 


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal