هل تؤخر العُقد الخارجية تأليف حكومة الحريري؟… عبد الكافي الصمد

عندما كُلّف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة في 22 تشرين الأول الماضي، نُقل عنه قوله إنّه سيؤلف الحكومة في أسرع وقت، وأعطى لنفسه مهلة 10 أيّام لهذه الغاية، مستنداً إلى أجواء إيجابية داخلية وخارجية، أوحى بها مقربون منه، تزعم أنّها تدعمه وتؤيد تكليفه تأليف الحكومة.

لكنّ مهلة الأيّام العشرة، التي انتهت يوم أول من أمس الإثنين الماضي، مرّت ولم يخرج الدخان الأبيض من قصر بعبدا إيذاناً بولادة الحكومة، بعدما عوّل كثيرون على أن يُؤلّف الحريري أسرع حكومة في تاريخه السياسي، وأنّ ولادة الحكومة خلال هذه الفترة سيجعلها أيضاً الأسرع منذ خروج السوريين من لبنان عام 2005، حيث كانت تدخلاتهم تفضي دائماً إلى تشكيل الحكومة خلال أيّام لا يزيد عددها على عدد أصابع اليد الواحدة، بينما بات تشكيل الحكومة بعد خروجهم يستغرق أشهراً.

أجواء تأليف الحكومة أعطت إنطباعاً أوحى وكأنّ مشاورات التشكيل ما تزال تدور في يومها الاول، برغم 5 لقاءات عقدت بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون، لم تفض الى اي تقارب بينهما في التوافق على مخارج حول شكل الحكومة ووزرائها، او حصص الكتل النيابية وتمثيلها في الحكومة المرتقبة، وتجاوز العقد الداخلية الكثيرة.

لكن ليست العقد الداخلية وحدها هي التي تؤخّر تأليف الحكومة، وهي ليست قليلة، بل ومؤثّرة في عملية التشكيل، لكن ذلك لا يحجب عقداً خارجية ترخي بثقلها على مساعي التأليف، وتتركها تتأرجح على حبال الهواء، بانتظار مجيء ترياق الحلول من خارج الحدود ووراء البحار، وهو إنتظار لن يكون قصيراً.

أبرز هذه العقد الخارجية يمكن تلخيصها بالآتي:

أولاً: لم تبدر من السعودية أي إشارة ترحيب بعودة الحريري إلى رئاسة الحكومة، منذ موقفها السلبي من هذه العودة عام 2019 التي أفضت إلى مجيء الرئيس حسّان دياب، وهو موقف سلبي ما يزال قائماً، ويدرك الحريري معه أكثر من سواه، بأن غياب دعم المملكة لعودته، سياسياً ومالياً، وهي الداعم التاريخي الأساسي له، يجعله مكشوفاً أمام خصومه في الداخل والخارج، ويدفع حلفاء كثيرين إلى الإبتعاد عنه تدريجياً.

ثانياً: يُعوّل الحريري وكثيرون على المبادرة الفرنسية لولادة الحكومة وحصولها على دعم مالي وسياسي عربي ودولي. لكنّ المبادرة الفرنسية أُجهضت نتيجة إعتراض عدّة جهات عليها، أبرزها الولايات المتحدة الأميركية، كما أنّ الفرنسيين لم يرحبوا بعودة الحريري لرئاسة الحكومة، إذ تقوم مباردتهم أساساً على حكومة إختصاصيين مهمتها تنفيذ إصلاحات مالية عاجلة، والحريري ليس واحداً منهم، لا هو ولا الطبقة السياسية التي تطبخ معه تشكيل حكومة إختصاصين شكلية، تكون مرآة وإنعكاساً لهم.

ثالثاً: يُعقد بعد أيّام بالعاصمة السّورية دمشق، في 11 و12 تشرين الثاني الجاري، مؤتمر دولي حول مشكلة النّازحين السوريين، وبرغم أنّه لم يفصل عن موعد المؤتمر أكثر من أسبوع، فإنّ أي خطوة جدّية للمشاركة في المؤتمر لم تصدر، لا من حكومة تصريف الأعمال ولا رئيس الحكومة المُكلّف، ما يدلّ على أنّ لبنان الرسمي ما يزال يتعامى عن مشكلة إقتصادية وإجتماعية يرزح لبنان تحت عبئها منذ سنوات، ويتجاهل أنّ مدخل تعافي لبنان وتخلصه من قسم كبير من أزماته، هو سوريا قبل أي بلد آخر، إستناداً إلى حقائق التاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة، التي يصرّ قسم من الطبقة السياسية في لبنان على تجاهلها والوقوف في وجهها عكس التيّار.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal