لبنان ومؤتمر النّازحين السّوريين في دمشق: أسئلة تنتظر أجوبة… عبد الكافي الصمد

حُسم أمر إنعقاد المؤتمر الدولي للنّازحين السّوريين في العاصمة السّورية دمشق، في 11 و12 تشرين الثاني المقبل، بعد طول أخذ وردّ وشائعات حول احتمال نقله إلى بلد آخر خارج سوريا، وهذا الحسم تبلغه الجانب اللبناني، أول من أمس، عبر وفد روسي رفيع سلم دعوة بهذا الخصوص إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، كون الروس هم رعاة المؤتمر وأبرز الداعمين لعقده، إضافة إلى لقاء الوفد مع كل من رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، وقائد الجيش العماد جوزاف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم. 

هذه الدعوة الروسية نقلها للجانب اللبناني وفد روسي رفيع مكوّن من رئيس المركز القومي لإدارة الدفاع في روسيا ميخائيل ميزينتساف، موفد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرانتييف، وموفد وزير الخارجية المكلّف بتسوية الأزمة السورية ألكسندر كينسشاك، والسفير الروسي لدى لبنان ألكسندر روداكوف، وضباط من وزارة الدّفاع الروسية.

بناءً على ذلك، فإن أمام الجانب اللبناني أقلّ من أسبوعين لحسم أمره وتحضير ملفاته واتخاذ الكثير من الإجراءات المتعلقة بالمؤتمر، قبل أن يدهمه الوقت ويخسر فرصة لا تعوض للتخلّص من عبء النازحين السوريين في لبنان، وإعادة العلاقات اللبنانية ـ السورية إلى طبيعتها بعد سنوات من الجفاء.

تثبيت عقد المؤتمر في موعده وبرعاية روسية، يعني أن مشاركة عربية ودولية واسعة يتوقع أن تكون حاضرة فيه، وأنّ الروس، وفق معلومات، سيكونون أكبر وفد مشارك فيه، وأنّ نحو 160 شخصية يمثلون حوالي 48 وزارة ومؤسسة في روسيا الإتحادية ستحضره، برغم أن  الصمت، حتى الآن، يخيم على مواقف أغلب الدول المعنية بملف النّازحين السوريين.

لكن الخشية هي أن يبقى لبنان الرسمي متردّداً بالمشاركة في المؤتمر، وهو الذي يجب أن يكون أول المشاركين فيه، تحسباً لمشاركة دول وجهات واسعة فيه في آخر لحظة، أو أن تكون هذه الدول والجهات تجري مفاوضات سرّية حول المؤتمر، إن مع الروس أو مع السوريين، من أجل استلحاق أنفسهم في المرحلة المقبلة، خصوصاً بما يتعلق بورشة إعادة الإعمار المنتظرة في سوريا، بينما يكون لبنان آخر من يعلم.

ولعل الإشارة اللافتة في هذا السياق برزت في زيارة أعضاء الوفد الروسي دمشق بعد أن غادروا بيروت، وهناك أطلعوا الرئيس السوري بشار الأسد على نتائج جولتهم على عدد من دول المنطقة، حيث أكدوا له “عزم روسيا على مواصلة العمل المشترك مع المؤسسات المعنية السورية للمساعدة في إغلاق هذا الملف الإنساني”.

وفي حين سربت معلومات أن لبنان سيكتفي بحضوررمزي في المؤتمر عبر سفيره في سوريا، فإن الوفد الروسي تمنى “مشاركة لبنان على مستوى رفيع فيه، نظراً لأهميته بالنسبة للبنان والمنطقة”، وهو ما طرح تساؤلات ينتظر أن تجيب عنها الأيام القليلة المقبلة، ومن أبرزها:

أولاً: يأتي موعد المؤتمر في وقت يعود فيه الرئيس سعد الحريري إلى السلطة بعد تكليفه تأليف الحكومة، فكيف سيتعاطى مع المؤتمر، سواء شكّل الحكومة قبل انعقاد المؤتمر أو بعده؟

ثانياً: في ظلّ الإنقسام السّياسي القائم في لبنان حول العلاقة مع سوريا، من سيتخذ قرار تكليف السفير اللبناني في دمشق بالمشاركة في المؤتمر، أو تشكيل وفد لبناني للمشاركة فيه، ومن سيشارك فيه إذا تم تشكيله؟

ثالثاً: كيف ستتعامل حكومة تصريف الأعمال مع قرار المشاركة في المؤتمر في حال بروز إعتراضات على ذلك، وكيف سيكون موقف حكومة الحريري إذا شُكّلت قبل أن ينعقد، وماذا ستفعل وزارة الخارجية التي يرجّح أن يكون وزيرها المقبل محسوباً على تيار المستقبل؟

رابعاً: ما الموقف الذي ستتخذه حكومة تصريف الأعمال أو حكومة الحريري المقبلة إذا أعلنت دول مؤثرة في السّاحة اللبنانية، كالسعودية مثلاً، مقاطعتها المؤتمر، فضلاً عن احتمال صدور مواقف متحفظة من الولايات المتحدة أو دول أوروبية من المؤتمر، فهل ستقف السلطة اللبنانية عند خاطر هذه الدول أم ستتعامل مع المؤتمر بما يناسب مصلحة لبنان أولاً، قبل أي اعتبار آخر؟

 


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal