عام على إستقالة الحريري.. ماذا تغير؟!… غسان ريفي

كل المعطيات تشير الى أن الأجواء الايجابية التي تخيم على عملية تشكيل الحكومة ستفضي الى أن تبصر النور في غضون أيام قليلة، إذا لم يطرأ ما يعطل أو يعرقل بمطلب هنا أو بإعتراض هناك أو بشيطان دخل خلسة الى تفصيل ما هنالك.

يستعين الرئيس سعد الحريري على تشكيل حكومته بـ”الكتمان” بالتكافل والتضامن مع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي إلتقى الرئيس المكلف للمرة الرابعة أمس، وإكتفى مكتبه الاعلامي بالتأكيد على أن “عملية التأليف تسير في جو من التقدم والتأني”، في حين أشارت معلومات الى أن النقاش يتركز على حجم الحكومة التي إما أن تكون عشرينية، أو مؤلفة من 18 وزيرا وهي الصيغة التي قدمها الحريري الى عون في اللقاء الرابع، موزعة مناصفة 9 للمسلمين (4 سنة و4 شيعة ودرزي واحد) و9 للمسيحيين (4 موارنة و3 أرثوذكس وكاثوليكي وأرمني).

وحتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الحكومة وشكلها وحجمها ومضمونها وتوقيت إعلانها، فإن الكتمان الذي يتحصن فيه عون والحريري، تحول الى إعلان واضح بأن الحكومة تتهيأ للعودة الى السلطة السياسية سالمة، وأن اللبنانيين أهدروا سنة كاملة من عمرهم وعمر وطنهم وهم يفتشون عن سراب إسمه تكنوقراط، وإختصاص، وإستقلالية، ومحاسبة، و”كلن يعني كلن”.

اليوم في 29 تشرين الأول 2020 تكون قد مرت سنة كاملة على إستقالة الرئيس سعد الحريري من الحكومة تحت ضغط شارع ثورة 17 تشرين الأول، وهي جاءت بمثابة إعلان عن وفاة التسوية الرئاسية مع الرئيس ميشال عون، وقطع العلاقات مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، و”العودة الى صفوف الجماهير” لتشكيل حكومة تشبههم وتشبه تطلعاتهم من دون سياسيين أو حزبيين وعلى رأسهم باسيل.

عام كامل كان وبالا على اللبنانيين الذين إنتفضوا في ثورة حق وعدل ومساواة لاسترجاع وطنهم في سلطة تمارس “الاجرام” على إختلاف أنواعه بحقهم..

عام من التجمعات في الشوارع والساحات وقطع الطرقات وإحراق الدواليب وأعمال الشغب، وإقفال المؤسسات وإقتحام الوزارات، والمواجهات مع القوى الأمنية وسقوط الشهداء والجرحى كرمى لعيون الثورة التي تعرضت للاغتصاب ولشتى أنواع الانتهاكات على يد مجموعاتها والناشطين فيها الذين لم يتوافقوا على أي إطار جامع وصولا الى تقاتلهم في المؤتمر الذي نظموه لتوحيد صفوفهم، فكانوا صورة طبق الأصل أو ربما أسوأ من السلطة التي نجحت بدورها في خطف الثورة وتقويضها والتسلل إليها وبث التفرقة بين أركانها.

عام كامل من حبس أموال المواطنين في المصارف، ومن جنون الدولار الأميركي، وإنهيار العملة، وتنامي البطالة وإستراش الغلاء وتوحش الفقر وفقدان الدواء وغياب المستلزمات الطبية من المستشفيات وإنهيار مؤسسات الدولة وإجتياح فيروس كورونا، وصولا الى كارثة 4 آب بانفجار مرفأ بيروت الذي دمر العاصمة وشرد أهلها.

عام كامل تحمل فيه اللبنانيون حسان دياب رئيسا مكلفا، ورئيسا لحكومة مستشارين وموظفين سياسيين بقناع تكنوقراطي وإختصاصي من لون واحد، زادت طين الأزمات بلة، وقدمت مسرحيات سياسية وإنمائية هابطة بنصوص ركيكة وإخراج ضعيف، الى أن أطاح بها إنفجار مرفأ بيروت.

كل ذلك يطرح سلسلة تساؤلات لجهة: لماذا قدم الحريري إستقالة حكومته طالما أن شيئا لم يتغير على صعيد التركيبة الحكومية؟، وهل كانت إستقالته لعدم تحمله وزر الانهيار الذي كان واضحا بأننا ذاهبون إليه؟، وأين لاءات الحريري لا حكومة سياسية ولا تكنوسياسية، ولا مشاركة حزبية ولا تعاط مع جبران باسيل ولا عودة الى الحكومة في ظل عهد ميشال عون؟، وكيف سيتعاطى الرئيسان عون والحريري مع المجهر الأميركي الذي حذر أمس من إدخال حزب الله بشكل غير مباشر الى الحكومة؟، وماذا عن الثورة؟، هل إنتهت أو دجنت أو بدأت تتلهى بخلافاتها؟، ثم ما مصير اللبنانيين الذين يواجهون مزيدا من الضغوط ماليا وإقتصاديا وإجتماعيا؟، وهل ستنجح الحكومة العتيدة في تحقيق ما أخفقت فيه حكومات سابقة؟، أم أنها ستكون صورة طبق الأصل عنها طالما أن شكلها ومضمونها لم يتغيرا، وبالتالي فإنه من جرّب المجرب كان عقله مخربا؟!.


مواضيع ذات صلة:

  1. هل أنهى تكليف الحريري الثورة؟… غسان ريفي

  2. جريمة كفتون.. أنقذت لبنان!.. غسان ريفي

  3. في كانون الأول المقبل.. لبنان يكون أو لا يكون!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal