الحكومة على نار تنازلات عون والحريري وباسيل!… غسان ريفي

يتطلع اللبنانيون الى عملية تشكيل الحكومة بحذر شديد، فبالرغم من الأجواء الايجابية التي رافقت اللقاءات الثلاثة التي عقدت بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري ووصلت الى التوافق على حكومة عشرينية وعلى توزيع الحقائب على الطوائف والتيارات، فإن الكل في لبنان يتعامل مع ما يجري وفق قاعدة “عم نقخ ع اللبن لأن الحليب كاويني” إنطلاقا من تجارب عدة وصلت فيها ″لقمة الحكومة الى الفم″ ومن ثم تعطلت بفعل الشياطين التي دائما ما تكمن في التفاصيل.

يبدو واضحا اليوم أن الجميع في الخارج والداخل لديه مصلحة في تشكيل الحكومة الحريرية الرابعة، فالأميركي يتطلع الى ترسيم الحدود تحقيقا لمصالح العدو الاسرائيلي، والفرنسي يسعى الى إنجاح مبادرته التي بدأت تضعف مع دخولها في مستنقع التجاذبات اللبنانية وبعد مواقف الرئيس إيمانويل ماكرون تجاه الاسلام والاساءة للرسول محمد، والايراني يرغب بكل ما يصب في مصلحة حزب الله الداعم للحريري وتشكيل حكومته، فيما السعودي يغض الطرف، وهو بمسعى فرنسي أطفأ الضوء الأحمر للحريري لكنه لم يضئ بعد الضوء الأخضر بإنتظار التشكيلة الحكومية والممارسة في الحكم.

أما على الصعيد الداخلي، فرئيس الجمهورية ميشال عون يقف أمام فرصة أخيرة لانقاذ عهده الذي شهد على مدار أربع سنوات شتى أنواع الأزمات التي أرخت بثقلها على اللبنانيين ودفعتهم الى إطلاق ثورة 17 تشرين، والرئيس سعد الحريري يغامر برصيده السياسي والشخصي وبما تبقى له من شعبية وحضور وهو أيضا يقف أمام فرصة أخيرة للعب دور المنقذ، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يعمل على تسهيل تنفيذ بنود ما يتفق عليه عون والحريري تمهيدا لتقديم أوراق إعتماده نحو رئاسة الجمهورية، والثنائي الشيعي يدرك بأن ليس من مصلحته بقاء البلد من دون حكومة طالما أنه سيحصل على وزارة المالية وسيسمي وزراءه من الاختصاصيين ما يجعله الرابح الأكبر.

تشير المعلومات الى أن خلاصة التوافق بين عون والحريري إنتهت الى تشكيل حكومة عشرينية، ( 10 مسلمين و10 مسيحيين) تتوزع حصصها على الشكل التالي:

ـ السنة: رئيس الحكومة و3 وزراء واحد لتيار العزم ومن بين الحقائب المعروضة هي الخارجية والاتصالات وربما العمل.

ـ الشيعة: 4 وزراء لحركة أمل وحزب الله من بينهم المالية لأمل والصحة للحزب.

ـ الدروز: وزيران واحد للتقدمي الاشتراكي والثاني للقاء الديمقراطي وربما تسند إليهما وزارتي الأشغال أو الشؤون الاجتماعية أو التربية.

ـ رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر 6 وزراء من بينها الداخلية والدفاع، أما الطاقة فتنتظر التوافق على المداورة أو عدمها.

ـ المردة وزيران، والطاشناق وزير، ووزير للحزب القومي الذي يريد الحريري أن يرد له تحية تسميته بأحسن منها.

يمكن القول إن الوصول الى هذه الحكومة تتطلب الكثير من التنازلات التي يبدو أنها بدأت تقدم بدءا من رئيس الجمهورية الذي كان لا يريد تكليف الحريري ثم تعامل معه بايجابية، مرورا بالحريري الذي وعد بحكومة إختصاصيين غير حزبيين ثم رضي بحكومة أختصاصيين يسمونهم الأحزاب، كما وعد بحكومة مصغرة من 14 وزيرا قبل أن يقبل برفع العدد الى 20 وزيرا، وصولا الى باسيل الذي خسر معركة التكليف وعاد الى التنسيق مع الحريري بالرغم من إعلانه بأن “طريقه ستكون صعبة”، وتأكيده بأن “رئيس حكومة الاختصاصيين يجب أن يكون الاختصاصي الأول” ومن ثم قبوله بالحريري، فضلا عن تجاوزه قاعدة إما أن “نكون معا في الحكومة أن نكون معا خارجها”.

تقول مصادر سياسية مطلعة أنه إذا إستمرت هذه التنازلات المتبادلة معطوفة على الأجواء الايجابية فإن حكومة الحريري ستبصر النور في نهاية الاسبوع الحالي، أما في حال تأجيل ولادتها لأي عرقلة يمكن أن تظهر، فإن ذلك سيجعلها عرضة للتأثر بنتائج الانتخابات الأميركية التي قد تطيح بكل التفاهمات، لذلك كانت الدعوة صريحة من الرئيس نبيه بري الى تشكيل الحكومة قبل هذه الانتخابات.


مواضيع ذات صلة:

  1. هل أنهى تكليف الحريري الثورة؟… غسان ريفي

  2. جريمة كفتون.. أنقذت لبنان!.. غسان ريفي

  3. في كانون الأول المقبل.. لبنان يكون أو لا يكون!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal