عقدة وزراة المال تؤخّر تأليف الحكومة.. ماذا عن العقد الأخرى؟… عبد الكافي الصمد

إنتهى الأسبوع الثالث على المبادرة الفرنسية لتأليف الحكومة من غير أن تتألف، وانتهت مهلة الأسبوعين اللذين أعطاهما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لهذه الغاية وما يزال تأليف الحكومة أمراً عالقاً على حبال التجاذبات الداخلية والخارجية، ومدّدت المهلة أياماً وأسبوعاً من غير أن يلوح بصيص أمل في نهاية النفق.

تمديد المهلة أكثر من مرّة، إضطراراً، خطوة أقدم عليها الفرنسيون بحكم الأمر الواقع، وبسبب تعقيدات الملف اللبناني، ودخول أكثر من طرف داخلي وخارجي على خط عرقلة المبادرة الفرنسية، أو على أقل تقدير إفراغها من مضمونها، شكلاً أو مضموناً، تمهيداً لوضع لمسات أو شروط عليها.

حقيبة وزراة المال تبدو حتى الآن العقدة الأساسية التي تعرقل تأليف الحكومة، بسبب تمسك الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل، بتولّيها، عدا عن تمسّكهم بتسمية وزراء الطائفة الشيعية في حكومة الرئيس المكلّف مصطفى أديب، وهي عقدة لم تجد حلاً لها بعد، برغم أن أفكاراً ومخارج عدّة طرحت لهذه الغاية، لكنّها لم تجد قبولاً.

ومع أنّ عقدة وزارة المال تُفسّر في أوساط عدّة على أنّها مفتاح تأليف الحكومة، أو السبب في إعلان الرئيس المُكلّف إعتذاره عن تأليف “حكومة مهمّة”، كما وصفت من قبل الفرنسيين، فإنّ هناك عقداً أخرى لا تقلّ أهمية ولا تصلّباً عن عقدة المالية، ينتظر لها أن تبرز بعد تجاوز عقدة وزارة المال، إذا حصل ذلك، قد تكون سبباً في إنجاح “طبخة” تأليف الحكومة أو إحراقها.

أبرز هذه العقد يمكن تلخيصها بالتالي:

أولاً: مع أنّ النقاش حوله لم يتسرّب منه الكثير، إلا أنّ حصول فريق سياسي معين أو مجموعة حلفاء على “الثلث الضامن” في حكومة أديب ينتظر أن يكون عائقاً سيستغرق وقتاً طويلاً لتجاوزه، في ظل إنعدام الثقة بين الأطراف المشاركين في الحكومة.

ثانياً: لم يتحدث أحد بجدّية بعد عن وزارة الطاقة، ولكنّ إشارات واضحة صدرت عن التيّار الوطني الحر تفيد أنّه لن يتنازل عنها بسهولة، وأن له شروطاً صعبة مقابل تنازله عنها، ليس أقلها حصوله على حقائب وزارية “دسمة” موازية لها، ومعوّلاً على إمساك رئيس الجمهورية ميشال عون بـ”ختم” مراسيم تأليف الحكومة، الذي لن يضعه على ورقة التأليف قبل حصول التيار البرتقالي على مبتغاه.

ثالثاً: ما يزال الصّمت حتى الآن يدور حول وزارة الداخلية التي يمسك تيار المستقبل بزمامها منذ سنوات؛ وتطرح أسئلة عديدة حول إنْ كان التيار الأزرق سيتنازل عنها بسهولة، نظراً لما تمثل بالنسبة له من رمزية سياسية وبسط نفوذ، وما هي شروطه مقابل التنازل عنه؟

رابعاً: يبدو البيان الوزاري لحكومة أديب، منذ الآن، محل خلاف وتباين بين القوى السّياسية التي يفترض أن تنضوي فيها، سواء بما يتعلق منه بالإصلاحات السّياسية أو المالية، أو بالنقطة الأبرز فيه وهو سلاح المقاومة، ما سيفتح الباب واسعاً أمام جدال وسجال حولها، وسيمضي وقت طويل قبل التوصل إلى حلّ مقبول لها.

خامساً: تبدو نقاط الخلاف المذكورة أعلاه إنعكاساً لخلاف محلي وإقليمي ودولي أوسع يتخذ من لبنان ساحة صراع له، وما لم يتم وضع حدود لهذه الخلافات أو تأطيرها، فإنّ المبادرة الفرنسية أو سواها ستكون لملء الوقت وإدارة الأزمة فقط، بانتظار تفاهم في المنطقة والعالم حول نقاط الخلاف، ولبنان إحداها، لن يتبلور قبل ربيع العام المقبل.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal