الأهالي يبحثون عن أولادهم في البحر.. ″قوارب الموت″ مأساة لبنانية جديدة… روعة الرفاعي

أن تقوم بدفن ابنك في التراب لهو أمر محزن لكنه طبيعي ومقبول، لكن أن تدفعك الظروف الى أن تلجأ لرمي ابنك في البحر بعد وفاته لتتخلص من جسده الذي بدأ يتحلل فتلك مصيبة لا يعرفها ولم يعايشها سوى المواطن اللبناني المقهور الذي يعاني أزمات لا تنتهي فصولها.

هذه الأزمات تتنقل بين سنة وأخرى فتتطور تارة وتتراجع حدتها تارة أخرى الى أن وصلنا اليوم الى ما نحن عليه من أوضاع مأساوية لا يفيد معها لا الكلام ولا اطلاق الأمنيات بعدما باتت الغالبية العظمى من أبناء هذا الوطن تحت حافة الفقر جراء الانهيار الاقتصادي الحاصل والذي يتفاعل بطريقة لا تبشر بالخير كونه ما من بصيص أمل في المدى المنظور.

كل ذلك، دفع ويدفع العشرات من أبناء طرابلس والشمال وسائر مناطق لبنان الى ركوب البحر بقوارب تفتقر لأدنى مقومات السلامة، هرباً من الفقر والعوز وحالات الذل التي يعيشونها على أبواب المستشفيات والمدارس ومحلات المواد الغذائية واللحوم وكل مقومات العيش الكريم، حيث يؤثرون الهجرة غير الشرعية مع كل ما تترافق من مخاطر كون ما يعيشونه أخطر بكثير.

لكن الحقيقة عكس ذلك تماماً وهذا بالفعل ما حصل مع القارب الذي انطلق مساء الاثنين الماضي من أمام شواطئ المنية وعلى متنه 36 مهاجراً ما لبث أن فقد الاتصال معه بشكل نهائي لدى وصوله الى المياه الاقليمية بحسب المعلومات التي حصل عليها “سفير الشمال” من احد الناجين الذي قال: “انطلق القارب من المنية وعند وصوله الى المياه الاقليمية نفذت مادة المازوت من المحرك، الأمر الذي أدى الى استقرار المركب في المياه، وبالطبع على متن القارب نساء ورجال وأطفال، توفي فيه طفلين اضطر أهلهما الى دفنهما في البحر بسبب تحلل جثتيهما، والدة راحت تنظر بكل ألم الى ابنها بعدما رمته في البحر وهي التي كانت ترغب بتأمين حياة كريمة له فاذا بها تدفنه في البحر ليكون طعاما للأسماك، فكيف ستغدو حالتها؟؟؟ وأي يأس سيصيبها وهي التي عادت الى بلدها المنهوك بلا ابنها وبلا أملها في الحياة؟؟؟ ولولا قوات اليونيفل والتي عملت على انقاذ من تبقى لكان مصير 36 مهاجراً كما مصير 11 مفقوداً حتى الساعة لا يعرف الأهل عنهم شيئاً. وبعد مرور عشرة أيام على فقدانهم قرر الأهالي التصعيد والاعتصام أمام سرايا طرابلس وأمام منازل المسؤولين علهم يصغون هذه المرة لنداءاتهم بعدما جفت حناجرهم وهم يطالبون بأبسط حقوقهم.

ماتوا من الجوع والعطش

ماذا يقول الأهالي عن رحلة أبنائهم والمخاطرة بحياتهم وحياة أولادهم؟

قريبة بعض المفقودين تقول: “عبداللطيف ومصطفى ومحمد فقدناهم في البحر بعدما طفشوا من الفقر والذل حيث لا أعمال ولا أرزاق فماذا نفعل هل نتجه نحو السرقات؟؟؟ ليست من أخلاقنا، نريد معرفة أين هم أقاربنا، لماذا لا يتم البحث عنهم؟؟، البعض يؤكد على أنهم رموا بأنفسهم في البحر بحثا عن منقذ لهم بعدما ضاع القارب مدة سبعة أيام في البحر، توفي طفلان ومات البعض من الجوع والعطش فمن المسؤول؟؟؟”.

شقيقة مصطفى ضناوي قالت: “نحن نبحث عنهم لمعرفة مصيرهم بعدما فقدوا منذ 11 يوما في البحر لكن وحتى الساعة فان جهة لم تتدخل للبحث عنهم، البعض قال أن هناك شبابا في قبرص وآخرين وجدوهم في البحر لكن ما من شيء رسمي، لذا نتحرك في سبيل معرفة مصيرهم، هم هاجروا من أجل العيش بكرامة، شقيقي مصطفى كان يعمل ضمن مرفأ طرابلس تخلوا عنه بسبب بعض السوريين الذين حلوا مكانه فكيف ذلك؟!! لتفتح أبواب الهجرة لنا ونحن على أتم الاستعداد لترك هذا البلد”.

أحد عشرة من شباب طرابلس فقدوا في عرض البحر وهم يبحثون عن الأمان وتأمين لقمة العيش لأبنائهم لكن الرحلة لم تكمل طريقها والأهل لم يعرفوا شيئا حتى الساعة عن أبنائهم فمن هي الجهة المسؤولة عن هذه الكارثة؟؟؟

وأمس حلت الفاجعة بأسوأ أشكالها عندما تم العثور على المفقود محمد الحصني جثة على شاطئ السعديات بعدما قذفته أمواج البحر.


مواضيع ذات صلة:

  1. أطفال بيروت بعد الانفجار… نفسيات محطمة ورغبات في الهروب!… روعة الرفاعي

  2. قوارب الهجرة تُبحر من لبنان.. والمهاجرون يروون معاناتهم… روعة الرفاعي

  3. سفير الشمال تنشر القصة الكاملة للعائلات المشردة في معرض طرابلس… روعة الرفاعي


 

Post Author: SafirAlChamal