عكار: ″شماعة″ قطع الطرق تنذر بفتنة.. فهل تتحرك البلديات؟… نجلة حمود

يكاد لا يمر يوم، من دون أن يعمد العشرات  في محافظة عكار الى قطع طريق عام المحمرة ـ طرابلس أي، بوابة المحافظة، تحت غايات وعناوين ومطالب متنوعة، حتى باتت الطريق الحيوية ″فشة خلق″ البعض، ومهانة وإذلال لمئات آلاف العكاريين الذين ضاقوا ذرعا من التصرفات ″الميليشاوية″ التي يلجأ اليها البعض، ″مطلقين على أنفسهم إسم ثوار″، وسط غياب تام للأجهزة الأمنية الغائبة كليا عن السمع.

العكاريون ببساطة متروكون لمصيرهم، وإن كان الفقر والاهمال والحرمان، ودفع فاتورة الدم والشهادة ليست جديدة على أبناء عكار، الا أن الغريب عنها هو الخنوع والخضوع وكأن الساحة خالية من الفاعليات والمسؤولين الذين التزموا الصمت، وكأنهم لا يرون ولا يسمعون، بالرغم من أن مكتب أحد نواب المنطقة يقع على الطريق عام المحمرة ويعتبر من الممسكين بذاك الشريان الحيوي.

فما هو سبب هذا الصمت؟ ومتى كان مصير أبناء عكار بيد بعض “الزعران” كما وصفهم يوم أمس ناشطو الحراك المدني ورواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين خرجوا عن صمتهم ودعوا للنزول الى الشارع وفتح الطرق بالقوة.

لم يتمكن أحد من تبرير إقدام هؤلاء على قطع الطريق في الوقت الذي كانت عكار تبكي شبابها الشهداء الأربعة الذين سقطوا في المعركة مع الارهاب، من دون أي إحساس بالمسؤولية، وبكل وقاحة أقدم هؤلاء على قطع أتوستراد المحمرة دافعين بعائلات الشهداء الى سلوك الطرق الفرعية الملتوية لمواكبة جثامين أبنائهم في رحلة الوداع الأخيرة من مستشفى طرابلس الحكومي، وبكل وقاحة أيضاً صمت فاعليات المنطقة من بلديات وإتحادات ونواب وكأن الأمر لا يعنيهم. وحده النائب أسعد درغام غرد خارج السرب، حيث صرح خلال إستقباله جثامين الشهداء ومن بينهم الشهيد الجبيلي، “أن عكار متروكة والدولة غائبة عنها، والمطلوب حضور الأجهزة الأمنية بقوة والقيام بواجباتهم، محذرا من إستمرار الأمور على حالها، خصوصا أن خطر الإرهاب وتحرك الخلايا النائمة قائم، ولا يجب التساهل مع أي أعمال مخلة بالأمن والاستقرار”.  

وعندما علم “قطاع الطرق” أن قرارا إتخذ على مستوى قيادة الجيش بفتح الطريق بالقوة عمدوا الى فتحها ليعاودوا قطعها ظهر يوم أمس. الاستمرار بقطع الطرق دفع بالمجتمع المدني والناشطون الى إطلاق دعوة للقاء موسع يشمل جميع المتضررين، والهدف فتح الطريق بالقوة، على أن يتحمل الفاعليات والقوى الأمنية مسؤولية الدماء بحال وقع المحظور.

يؤكد الناشطون “أن الاستمرار بالأعمال الاستفزازية لم تعد تحتمل والكوب قد إمتلأ وفاض، داعين نواب المنطقة الى التحرك ومطالبة قيادة الجيش إنهاء الأمر ووضع نقطة عسكرية على الطريق الدولية، كما الدعوة لوضع خطة للمواجهة، وطالبوا بلديات ساحل القيطع بالتحرك فورا والا فالاعتذار والاستقالة لأن واجباتهم تفرض عليهم حماية السلامة العامة وسلامة المواطنين ضمن نطاقهم وإنما هم يهددون حياة الآلاف يوميا باعتمادهم سياسة التطنيش وغض النظر، ما يؤكد أنهم رؤساء بلديات للوجاهة وليس لتحمل المسؤولية”.

بعد تسعير الحملة، أصدرت بلدية ببنين العبدة ومخاتير البلدة وفاعلياتها الاجتماعية والدينية بيانا أدانت فيه بشدة عملية قطع الطريق الدولي بشكل مستمر عند نقطة جسر المحمرة، ودعوا قيادة الجيش الى إستحداث نقطة عسكرية عند جسر المحمرة بشكل دائم ومستمر لمنع اي محاولة جديدة لقطع الطريق،  ورأوا انه لم يعد مقبولا ان يتحكم عشرات الاشخاص على الطرقات بمصير اكثر من ٦٠٠ الف مواطن عكاري، مشددين على أن أهالي ببنين سوف ينزلون بأنفسهم لفتح الطريق ولو بالقوة في حال لم تبادر الجهات الأمنية والمعنية الى ضبط ما يجري في هذه النقطة بالتحديد . 

كما خرج إتحاد بلديات ساحل القيطع عن صمته ودعا لاجتماع طارئ ظهرا.

والاجتماع الطارئ جاء بعد صيام دام ثمانية أشهر على مهزلة قطع الطرق، وذلك لتكون المسؤولية جماعية لوضع حد لظاهرة قطع الطرق، لأنها لو تمادت ستؤدي حتما الى فتنة لا تحمد عقباها. أيقن رئيس الاتحاد بعد ثمانية أشهر من المعاناة ورفع الصوت أن الفتنة ستقع!

 “على من يبحث عن أسباب صمت البلديات عليه أن يبحث عن ملفات الهدر والفساد والشكاوى المسطرة بحق غالبيتهم، ما يجعلهم أسرى أفعالهم وعاجزين عن مواجهة بعض الزعران الذين لا يتجاوزون العشرة، بحسب أحد الناشطين”.

أما عن سبب صمت أحد نواب المنطقة حيث تتمركز مؤسساته التجارية، فيؤكد مقربون منه أن النائب المعني سئم من هذه الحركات ولكنه يخشى من وقوع صدام بين أهالي جرد القيطع الذين يقطنون في الساحل ويملكون غالبية المؤسسات وبين أهالي الساحل ، وهو إذ يخشى من ردات فعل شباب جرد القيطع وعدم القدرة على ضبطهم، خصوصاً أن المصالحات وكثرة المشاكل تستنزف كل طاقته، وهو لا يرغب أن تأخذ الأمور منحى تصادمي”.  

أمام كل ذلك تبقى القوى الأمنية المتفرج الأول، فهل ستتحرك مدعومة من رؤساء البلديات والاتحادات والمجتمع المدني والأهالي وطلاب المدارس والمرضى الممتعضين من شماعة قطع الطرق على فقراء عكار؟


مواضيع ذات صلة:

  1. في زمن الكورونا.. ما هو واقع المستشفيات الخاصة في عكار؟… نجلة حمود

  2. تجارة طبية في عكار.. مستوصفات وأطباء غير شرعيين!… نجلة حمود

  3. عكار: رؤساء بلديات الى القضاء بعد رفع الحصانة عنهم!… نجلة حمود


 

Post Author: SafirAlChamal