حكومة أديب تنتظر اللحظات الأخيرة: إنفراج أم إنفجار؟… عبد الكافي الصمد

ستكون أنظار اللبنانيين على اختلافهم متوجّهة اليوم إلى القصر الجمهوري في بعبدا لمعرفة ما سيصدر عن الزيارة التي سيقوم بها الرئيس المكلف تأليف الحكومة مصطفى أديب إلى الرئيس ميشال عون، وسط تساؤلات عدّة حول إنْ كانت الحكومة المرتقبة ستبصر النور اليوم ويخرج الدخان الأبيض من قصر بعبدا، أم لا، بالتزامن مع إنتهاء المهلة التي أعطاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتأليف الحكومة، والتي تنتهي اليوم؟

لا جواب فاصل ونهائي عن ذلك، فالمعلومات حول مآل الحكومة متضارب، وكذلك التسريبات والمواقف والتحليلات، إنما كان لافتاً يوم أمس التطوّرات الدراماتيكية في المواقف من حكومة أديب، ومن رفض قوى سياسية فاعلة المشاركة فيها، خصوصاً الثنائي الشيعي المتمثل بحركة أمل وحزب الله، والتيار الوطني الحرّ، وسط ترجيحات أن تكرّ سبحة رفض المشاركة بحكومة أديب وتمتد إلى تيار المردة، وكتلة نواب الأرمن والنائب طلال إرسلان، من غير إسقاط كتلة اللقاء الديمقراطي من العزف على أوتار الرفض، ومجاراة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط حليفه رئيس مجلس النوّاب نبيه بري،، بعدما كان كل من القوات اللبنانية وحزب الكتائب واللقاء التشاوري للنواب السنّة المستقلين قد أعلنوا أيضاً عدم مشاركتهم في الحكومة، وقبلها كانوا حجبوا أصواتهم عن أديب ولم يسمّوه في استشارات التكليف.

كلّ ذلك يدفع إلى طرح أسئلة تحمل الكثير من الإشكاليات والتعقيدات، من أبرزها:

أولاً: ماذا سيفعل الرئيس المُكلّف إذا رفض الثنائي الشيعي تغطية أي إسم شيعي في الحكومة، وكيف ستكمل الحكومة مهمتها إذا أعلن الوزراء الشيعة الذين سيسميهم إعتذارهم واستقالتهم، وماذا عن ميثاقية الحكومة في هذه الحال، وهل إذا اختار أسماء وزراء شيعة معارضين لهذا الثنائي سيكون قادراً على احتواء ردّات الفعل في الشارع؟

ثانياً: الأمر نفسه ينسحب على التمثيل الدرزي؛ فكيف سيكون ردّ فعل الرئيس المُكلّف إذا رفض الثنائي الدرزي، جنبلاط وإرسلان، المشاركة في الحكومة أو تغطية أي شخصية قد تشارك فيها؟

ثالثاً: تواجه الحكومة معضلة التمثيل المسيحي أيضاً. فبعدما حجبت القوّات والكتائب أصوات كتلتهما النيابية عن أديب في استشارات التكليف، وإعلانهما عدم مشاركتهما في حكومته، جاء إعلان رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل بإعلانه، أمس، عدم رغبته بالمشاركة في حكومة أديب، وكذلك ما رشح عن عدم حماسة تيّار المردة في الدخول إليها وكذلك الأمر بالنسبة للأحزاب الأرمنية، ما طرح أسئلة حول كيف ستحلّ معضلة التمثيل المسيحي أيضاً؟

رابعاً: كيف سيكون حال التمثيل السنّي في حكومة أديب، وتحديداً تمثيل تيار المستقبل الذي يبدو رئيسه سعد الحريري واقعاً بين نارين: نار عدم رفض المبادرة الفرنسية، ونار التحفّظ السعودي عليه وعلى مشاركته في الحكومة.

خامساً: يبدو موقف رئيس الجمهورية ميشال عون حاسماً في هذا الإطار، وعليه يمكن تلمّس الطريق الذي ستسلكه الحكومة ومصيرها. ورجح أمس أن أمامه ثلاث خيارات: الأول رفض تشكيلة أديب التي قد يحملها معه، مع ما يعني ذلك من إصطدام بالفرنسيين وسقوط مبادرتهم ودخول البلاد في المجهول؛ والثاني قبول التشكيلة الحكومية ورمي كرة المسؤولية عنه إلى مجلس النواب؛ والثالث إستمهال أديب وقتاً للتشاور مع رؤساء الكتل الرئيسية قبل اتخاذ قراره، وهو إستمهال ليس معروفاً إنْ كان لإيجاد مخرج للأزمة أم استنزاف المبادرة الفرنسية داخل الزوايب اللبنانية.

هذه الأسئلة وغيرها لا أجوبة عليها، ولا تفسير لأي منحى ستأخذه الأزمة، كلّ ما في الأمر أن الإنتظار سيكون سيد الموقف، عسى أن تسهم الساعات القليلة المقبلة في نزع الفتائل، واجتراح معجزة لإخراج الحكومة من عنق الزجاجة، فإما الإنفراج أو الإنفجار.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal