أوجه التشابه والإختلاف بين حكومتي دياب وأديب… عبد الكافي الصمد

تكفي إطلالة سريعة على الأسماء المتداولة للتشكيلة المرتقبة لحكومة الرئيس المُكلّف مصطفى أديب، بما تضمّ من أسماء لها باع وخبرة في مجالات السّياسة والإقتصاد والطبّ والديبلوماسية والثقافة، حتى يتساءل المرء: بما تختلف إذاً حكومة أديب عن حكومة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، فالتشابه في الشكل يبدو كبيراً، وفي مبدأ تشكيل الحكومة أيضاً؟

عندما أعلن دياب حكومته في 21 كانون الثاني الماضي، ضمّت للمرّة الأولى، منذ بدء تنفيذ إتفاق الطائف عام 1989، أسماء من خارج الطبقة السياسية الحاكمة، يغلب عليها طابع التكنوقراط، كما رئيسها، إضافة إلى حضور نسائي لافت، وهي جاءت ليست برغبة وتعفّف من قبل أهل الحكم الذين لم يُعرف عنهم ذلك سابقاً، إنّما كنتيجة لضغط الشّارع الغاضب الذي أطلق في 17 تشرين الأول من العام الماضي حراكاً شعبياً عارماً أسقط حكومة الرئيس سعد الحريري بعده بـ12 يوماً، ودعا إلى تشكيل حكومة جديدة بعيدة عن الطبقة السّياسية التي غرقت بالفساد من رأسها إلى أخمص قدميها، وأغرقت معها البلاد والعباد.

لكن حكومة دياب لم تكن سوى صورة مصغرة عن الطبقة السّياسية، إذ ضمّت إليها مستشارين للقوى والأحزاب والتيّارات السّياسية التي شكّلت الحكومة؛ فمن لم يأتِ إلى الحكومة شخصياً أرسل أو سمّى مستشاره أو مقرّب منه، وفق مبدأ محاصصة فاضح، ما دفع كثيرين إلى وصفها بأنّها “حكومة المستشارين المقنّعة”.

هذا المبدأ الذي حكم تشكيل حكومة دياب يبدو أنه سيحكم حكومة أديب، فكلّ القوى السّياسية تقريباً قالت في العلن إنّها لا تريد شيئاً لنفسها في الحكومة المقبلة، لكن ما كاد الكلام الجدّي يبدأ حول تشكيلة الحكومة حتى انطلقت مواقف عدة تؤكّد على الحفاظ على حصص القوى السياسية، ولو أعطي ذلك أوصافاً أخرى كـ”التوازن” و”صحّة التمثيل” وغير ذلك.

ومع أنّ البعض يحاول تجميل وجه الحكومة المقبلة بأنّها ستضم إختصاصيين، تخفيفاً أو إلتفافاً على حكومة تكنوقراط، فإنّ الأسماء المطروحة للتوزير حتى الآن في حكومة أديب لا تضمّ مستقلين، وهم في بلد مثل لبنان يعتبرون عملة نادرة، إنّما أسماء أشخاص يدورون في فلك القوى والأحزاب والتيّارات السّياسية، ما يعني أن حكومة أديب من هذا الجانب لن تختلف كثيرا عن حكومة دياب، مع فارق أنّ حكومة أديب ستكون ذات قاعدة تمثيل أوسع، عكس حكومة دياب التي كانت من لون سياسي واحد تقريباً.

هذا التشابه بين الحكومة السابقة والحكومة المقبلة يطرح تساؤلاً، هو: هل أن مصير حكومة أديب سيكون مشابهاً لحكومة دياب؟ الجواب متشعّب في هذا السياق، فحكومة أديب لم تولد بعد، لكنّ المؤشرات تشير إلى أنها ستضم كفاءات شخصية محترمة، إلا أنها قد تخرج من تحت عباءة القوى السياسية، ما يعني أنّ المشهد لن يختلف في المضمون برغم تباينه في الشكل.

لكن عاملين إثنين تتمّيز بهما حكومة أديب عن حكومة دياب سيكون لهما تأثير على عملها وإنتاجيتها وعمرها، الأول أنّ مروحة تمثيلها السياسي ستكون أوسع، وهي ميزة يمكن أن تساعدها في تجاوز المطبّات وتنفيذ المطلوب منها، ولو بشكل نسبي؛ والثاني أنها تحظى بدعم دولي وإقليمي واسع، على رأسه دعم فرنسا غير المسبوق، والتي سوف تعتبر نجاح الحكومة المقبلة نجاح لها، وهي ستسعى إلى ذلك، لأنّ فشل الحكومة سوف يُرمى عليها، وهو أمر ستحاول منعه بشتّى السبل.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal