هل يثمر الدعم الفرنسي والزخم النيابي ولادة سريعة لحكومة مصطفى أديب؟… غسان ريفي

لولا تكليف السفير مصطفى أديب برئاسة الحكومة بعد الاستشارات النيابية الملزمة التي جرت يوم أمس، لكانت السلطة اللبنانية برمتها وقفت أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كالتلميذ الكسول المهمل لواجباته التي طلبها “الأستاذ الفرنسي” قبل نحو شهر وتتضمن حكومة تحاكي تطلعات اللبنانيين، إنجاز الاصلاحات لا سيما في قطاع الكهرباء والبدء بمحاربة الفساد.

بالأمس وصل ماكرون الى لبنان فلم يجد شيئا مما طلبه سوى رئيس مكلف منذ ساعات قليلة، لكن هذا الرئيس قدم شفاعة للسلطة اللبنانية لدى الفرنسيين الذين شاركوا في إختياره ودعموا تسميته، وهم يتجهون لدعم مسيرته في التأليف وبعده، وذلك من خلال رعاية فرنسية مستجدة للبنان تهدف الى أمرين الأول تعزيز الحضور الفرنسي في الشرق الأوسط، وثانيا حاجة لبنان لمظلة عربية أو دولية دائمة لتقريب وجهات النظر بين أفرقائه الذين يختلفون على كل شيء.

بعين حمراء حطّ ماكرون في بيروت، حيث إستهل زيارته بلقاء مع السيدة فيروز في منزلها في الرابية، متجاوزا أركان الحكم اللبناني، وذلك في رسالة واضحة بعدم الرضى الفرنسي على آدائهم في معالجة الأزمات التي ترخي بثقلها على اللبنانيين الذين تجمع عدد منهم أمام “المنزل الفيروزي” وإستقبلوا الرئيس الفرنسي بالهتافات للسيادة والحرية، وضد السلطة الحاكمة، والتسوية الحكومية.

تبدأ زيارة ماكرون الرسمية صباح اليوم ضمن برنامج سياسي حافل يمتد حتى المساء، وهو من المفترض أن يعيد ما طلبه منذ نحو شهر لجهة الاصلاحات ومحاربة الفساد على مسامع أركان الحكم “علّ في الاعادة إفادة”، إضافة الى الطلب من كل المرجعيات السياسية تسهيل مهمة الرئيس المكلف الذي سيطلع منه على توجهاته العامة حيال تشكيل الحكومة التي يشدد الفرنسيون على أن تكون مستقلة وأن تبصر النور سريعا للبدء بالمهام الثقيلة التي تقع على عاتقها لا سيما في ما يختص بإعادة إعمار بيروت بعد الانفجار المدمر الذي ضربها بتاريخ  4 آب الماضي.

وعلى قاعدة أن “الرسالة تُقرأ من عنوانها”، فإن الرئيس المكلف مصطفى أديب الذي أظهر رصانة عالية في أول إطلالة له، وخبرة في التعاطي مع أجواء التكليف وما تبعها من زيارة الى منطقة التفجير حيث نجح في إستيعاب ردات فعل الأهالي، سوف يلتقي في اليوم الأول عقب تكليفه رئيس فرنسا، وذلك بعد رئيس حكومة أمضى خمسة أشهر أسير السرايا، وهذا سيعطيه مزيدا من الدعم والزخم اللذان إنطلقا من الاستشارات النيابية الملزمة حيث حاز على 90 صوتا وهو رقم كبير من المفترض أن يمنح الرئيس المكلف حصانة وطنية ويخوله تشكيل حكومة من كل المكونات اللبنانية تحظى بدعم السواد الأعظم من الكتل النيابية “إذا ما صدقت النوايا”.

لا يختلف إثنان على أن الرئيس المكلف مدعوم فرنسياً ومحبوب ألمانياً ومحترم أوروبيا، وليس عليه إعتراض أميركيا ولا عربيا، باستثناء موقف دول الخليج الدائم من حزب الله، كما تشهد له كل التيارات السياسية اللبنانية بالمناقبية العالية ودماثة الخلق والوقوف على مسافة واحدة من الجميع، أما الاعتراض الشعبي الذي ظهرت نماذج منه يوم أمس في مار مخايل أو أمام منزل السيدة فيروز خلال زيارة الرئيس الفرنسي فنابع من غضب عارم على السلطة ككل، لكن ما لم يدركه المعترضون هو ما قاله ماكرون في زيارته الماضية حول تعاطيه مع رؤساء ونواب إختارهم الشعب اللبناني، ما يعني أن أي رئيس حكومة بدون إستثناء لا يمكن له أن يكلف بتشكيل الحكومة إلا من خلال تصويت الكتل النيابية الحالية وذلك بحسب الدستور، والتغيير الوحيد يكون بانتخابات نيابية تعيد تكوين السلطة من جديد، ما يعني أن الاعتراض على الرئيس المكلف هو لزوم ما لا يلزم أقله في الوقت الحالي.


مواضيع ذات صلة:

  1. لغة العالم لا تفهمها السلطة.. والعهد يطلق النار على نفسه!… غسان ريفي

  2. الآية السياسية إنقلبت.. الحريري مرشح قوى 8 آذار!… غسان ريفي

  3. حسان دياب لعب بالنار فأحرق أصابعه.. هكذا تم إسقاط الحكومة!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal