مسؤولو ووزراء آخر زمن!…صفوح منجد

مع إنقضاء 21 يوما على الإنفجار في مرفأ بيروت أي ثلاثة أسابيع تبدو الدولة بقياداتها ووزرائها وإداراتها غائبة تماما عن متابعة آثار هذه الجريمة الشنعاء ولا مبالية بالأضرار الفادحة التي لحقت بالبشر والحجر والتي من المؤكد أن تزداد مآسيها وأضرارها مع هطول أول زخة مطر في الأيام القليلة القادمة وبالتالي ستطرح مسألة خطيرة للغاية وهي تشرّد الآلاف من المواطنين وعائلاتهم الذين يبيتون في العراء بإنتظار تحرك الدولة حيث سيكون من الصعوبة أن يبيت المتضررون حتى في بيوت من دون سقف وجدران.

المسألة باتت خطيرة جدا وسيكون البلد أمام آلاف المهجرين الذين يمضون أوقاتهم وسط حطام كان يشكل أبنية في ما مضى وهي اليوم شبه أعمدة آيلة إلى السقوط، تقترب منهم تسألهم عن أحوالهم يجيبون بمفردات واحدة: 

الكل يقوم مشكورا بتوزيع الغذاء والماء ولكن الإغاثة الحقيقية وإعانتنا لإعادة ما تدمر وتأمين الأبواب والشبابيك لنشعر بالأمان والإطمئنان غائبة تماما، العديد من الجمعيات تكتفي بتوزيع المواد الغذائية بينما المسؤولون في دوائر الدولة ومؤسساتها المعنية بالبناء والإعمار غائبة تماما بل لم نر وجوها لهؤلاء في شوارعنا ومناطقنا التي دمرها زلزال التفجير.

وكل الناس الذين ما يزالون يتفقدون هذه المناطق المتضررة ويقفون على أوضاع الناس ومطالبهم يسألون عن الأسباب الحقيقية التي تمنع حتى اليوم الوزراء والمعنيين من تفقد أحوال المناطق والعباد؟ أي وزير هذا الذي بدل أن يسارع إلى بلسمة جراح وأوجاع مواطنيه نراه “يستميت” لعقد المؤتمرات الصحفية للترويج للأدوية الإيرانية وبالتالي يغيب مجلس الإنماء والإعمار حتى عن نشر أي تقرير يتعلق بمخططاته ومشاريعه لإعادة بناء ما تدمر وتهدم، حتى وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال يتناسى الموجبات التي يحددها الدستور والقوانين في ما يتعلق بمتابعة أوضاع البلد وحالات الناس المتضررين ومساعدتهم في المجالات المتعلقة بإستيراد الزجاج والألمينيوم وبقية اللوازم المستخدمة في إعادة البناء وتراه غائبا كليا عن متابعة هذه الأوضاع مكتفيا بالتحذير من المجهول؟. ولكن كيف ومتى، لانعلم؟

ومن جهته بدل أن يقوم وزير التربية بتفقد المدارس الرسمية والخاصة في المناطق المتضررة نراه ينكب على دراسة ملفات بشأن الدوام في بقية المناطق اللبنانية مع إقتراحات بشأن تحديد البدء بالعام الدراسي الجديد. هي إقتراحات نعرف أولها ولا ندرك نتائجها المتوخاة وما إذا كانت المدارس ستفتح ابوابها وسط هذا البؤس المسيطر على البلد إضافة إلى إنعكاسات وإنتشار الكورونا؟.

وينسحب هذا الوضع على حالة اللامبالاة من قبل وزير الداخلية حتى في مجال تأمين الحراسة الليلية في المناطق المتضررة لمنع السرقات، ذلك أنه لم يزعج نفسه لمتابعة قضية المتظاهرين المحتجين على الأوضاع الراهنة والذين فقدوا أعينهم من جراء الأسلحة والذخائر غير القانونية التي تم إستخدامها في محيط المجلس النيابي وأسفرت عن أضرار بالغة بما في ذلك فقدان بعض الشبان لأعينهم وخضعت بضع فتيات لتقطيب التشويهات التي أصبن بها في وجوههنّ .

والمؤلم في هذا المجال أن بعض الجهات الحزبية والتي تمتلك فائض القوة لم تسمح لها “الأوضاع” حتى في توجيه التعزية للشهداء ومواساة الضحايا والجرحى، كل ذلك يحدث والبلد يبدو مكشوفا أمام العديد من الإحتمالات السيئة والسوداء، فقضية تشكيل حكومة جديدة يبدو أنها لن تكون جاهزة في المدى المنظور تبعا للإشكالات والعراقيل التي يضعها قصر بعبدا ورئيس التيار الوطني الحر ومنها طرح مسألة التوافق على التكليف والتشكيل قبل الإستشارات النيابية خلافا للمواثيق ولنصوص الدستور وفي مقدمها مصادرة قرارات الرئيس المكلف في وضع مسودة التشكيلة الحكومية بعد إستمزاج آراء الكتل النيابية وإطلاع رئيس الجمهورية عليها.

وما يزيد في إستفحال الأزمات الداخلية ما بات يتصاعد من مواقف من قبل قوى معينة للنيل من طروحات البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في ما يتعلق بمسألة “الحياد” والتوجه بكلام معيب بحقه وصل لدرجة إتهامه بالعمالة للعدو الإسرائيلي دون صدور أي موقف معترض على هذه الإتهامات الخطيرة من قبل المسؤولين الموارنة وتحديدا من رئيس الجمهورية وصهره رئيس التيار القوي.

كل ذلك وهناك من يقف متفرجا على “التفسّخ” الوطني بإنتظار أن يكون في ذلك النفع لمخططه الإقليمي الممتد من إيران إلى شرق البحر المتوسط على الرغم من التحولات التي بدأت تظهر على الساحتين الدولية والإقليمية التي باتت تهدد بخلخلة هذا المخطط سواء في العراق وسوريا إلى جانب الطروحات “التنسيقية” بين أميركا وإيران.

 

الكاتب: صفوح منجد

 

Post Author: SafirAlChamal