مؤشّرات على اقتراب نهاية حكومة دياب: من البديل؟… عبد الكافي الصمد

مؤشّرات عدّة برزت أمس أعطت إنطباعاً أنّ حكومة الرئيس حسّان دياب تقترب من طيّ صفحتها، وأن استقالتها بمبادرة من رئيسها أو ضغط الشارع باتت مسألة وقت، بعدما اتضح أن الغطاء السياسي الذي تلتحف به الحكومة في طريقها لأن يُسحب عنها.

قبل ذلك، كان ثمّة تراكمات مختلفة قد أثقلت ظهر الحكومة وجعلتها في موقع غير القادر على متابعة أمورها وكأنّ شيئاً لم يكن، سواءً نقدياً لجهة تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية بمقابل الدولار الأميركي بشكل غير مسبوق في تاريخ لبنان، بعدما تجاوز أمس سعر الدولار عشرة آلاف ليرة، واقتصاديا بانهيار لم يسبق له مثيل من الإفلاس والبطالة، ومعيشياً بعدما دخلت المجاعة إلى بيوت أغلب اللبنانيين، ومشاكل الكهرباء والمحروقات والأدوية والخبز وغيرها، ما جعل النقمة الشعبية على الحكومة كبيرة لأنها عجزت عن معالجة أي من هذه الأزمات أو إيقاف الإنهيار ووضع حد له.

يضاف إلى ذلك أنّ قوى سياسية فاعلة نأت بنفسها عن المشاركة في الحكومة شنّت عليها منذ اليوم الأول لتأليفها حملات واسعة، ولم توفّر وضع العصي في دواليبها من أجل إفشالها تمهيداً لإسقاطها، من غير أن تستغل الحكومة، رئيساً ووزراء، الفرص الكثيرة التي أتيحت لها منذ تأليفها لإحداث صدمة إيجابية، وتحقيق الحدّ الأدنى من الآمال الواسعة التي عُلقت عليها.

لم يقتصر الأمر على هذا فقط، ففي الأيّام الأخيرة ظهر التصدّع بوضوح في جدران الحكومة، وعدم إنسجام مكوناتها، وتحدثت معلومات عن استقالات فيها، وعن غياب التفاهم والحدّ الأدنى من التفاهم والتعاون مع ركنين هامين في الإدارة العامة لمعالجة الأزمات المتفاقمة، خصوصاً المالية منها، عندما أعلن مدير عام وزير المال آلان بيفاني إستقالته من منصبه تعبيراً عن عدم تفاهمه مع الحكومة على معالجة الأزمة المالية المستفحلة، وإثر كلام نقل عن رئيس الحكومة، لافت ومستغرب، مفاده أنّه لا يعلم ما يقوم به حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لمعالجة أزمة تدهور الليرة اللبنانية.

تطوّرات الأيام الماضية أثبتت أن هناك دولة عميقة في الإدراة العامّة لا تستطيع حكومة هجينة وغير متمرسة مواجهتها، ما ولّد قناعات في أوساط عديدة بأن الحكومة أضحت عبئاً على نفسها والآخرين، وأن رحيلها بات أفضل الحلول المتاحة للخروج من الأزمة.

مؤشران برزا أمس في هذا السياق، الأول ما قاله رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب، عندما دعا رئيس الحكومة حسان دياب إلى “الإستقالة قبل أن يسقطوه في الشارع، لأنّ مفاوضات تدور في المجالس المغلقة لتشكيل حكومة، والخلاف على بعض التفاصيل”، موضحاً أنّ “دعوتي له دعوة مُحب، لأنّه رجل محترم”.

ومع أنّ ما يقوله وهاب عادة هو مزيج من المعلومات المتوافرة لديه، أو الرسائل التي يحملها ويوجّهها لمن يعنيهم الأمر، فإن ما قاله الرئيس سعد الحريري يوم أمس أكد بما لا يقبل الشكّ وجود توجّه من هذا النوع، عندما قال ردّاً على سؤال باحتمال عودته إلى السرايا الحكومي بأن “لدي شروط للعودة إلى رئاسة الحكومة ونقطة على السطر”، من غير أن يكشف هذه الشروط، خصوصاً السياسية منها، لكنه إكتفى بالإشارة إلى أنّ “البلد يحتاج لطريقة مختلفة بالعمل كليّاً”، و”الخروج من المحاصصة”، و”المباشرة بالإصلاحات”، و”النأي بالنفس”، و”خلق بيئة مؤاتية للإستثمار قبل كل شيء”.

لكن عبارة بدت وكأنّها “قطبة مخفية” وردت في كلام الحريري أمس، تمثلت في قوله إنه “لن أغطّي أحداً قريباً مني لترؤس أي حكومة”، فهل كان يقصد أن عودته ليست واردة وأنّ هناك طروحات ما بتسمية شخصية مقربة منه لهذه المهمة؛ أم أنّ شخصية محسوبة عليه مطروح إسمها لترؤس الحكومة المقبلة بلا موافقته، فأراد الحريري بتصريحه هذا قطع الطريق على أي محاولة من هذا القبيل؟.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal