دياب ونعمة وربطة الخبز ثالثهما: لقمة المواطن مهدّدة… عبد الكافي الصمد

ثلاثة مواقف أطلقها وزير الإقتصاد والتجارة راوول نعمة في ثلاثة أيام متتالية، كلّ موقف كان متناقضاً عن الآخر، ما يعكس الإرباك الذي يتصف به أداء الوزير وانعكاس هذا الإرباك فوضى في البلاد ككل، خصوصاً بما يتعلق بأزمة الطحين وسعر ربطة الخبز، بشكل يهدد اللبنانيين، وتحديداً الفقراء منهم، بلقمة عيشهم الأساسية.

الموقف الأول أطلقه نعمة يوم السبت الماضي في 27 حزيران الماضي، عندما غرّد عبر حسابه على “تويتر” مطمئناً اللبنانيين أنّ “لا أزمة خبز”، مضيفاً أن “لدينا مخزونٌ كبير من القمح والطحين”، داعياً إياهم إلى “عدم التهافت على الأفران والمخابز”.

هذا الموقف أعقبه وزير الإقتصاد والتجارة بعد نحو 36 ساعة بموقف آخر، عندما اتهم بشكل غير مباشر في تصريح أدلى به إلى جريدة “الأخبار” أصحاب الأفران والمخابز بعدم المصداقية والإحتكار ومخالفتهم القوانين المرعية الإجراء بما يتعلق بعملهم، عندما قال إنّه “أعدّ دراسة جدوى إقتصادية، سوف يتخذ قراراً وفق النتيجة التي خلص إليها، لا كما يريد أصحاب الأفران”، مطالباً هؤلاء بـ”فواتير تؤكّد صحة مزاعمهم برفع سعر الطحين أو المازوت، فهم حتى الآن لم يقدّموا إثباتاً بذلك”.

غير أنه وبعد مرور قرابة 24 ساعة على موقفه الثاني، أعلن نعمة أمس من قصر بعبدا بعد اجتماع عقده مجلس الوزراء عن قرار جديد بدا فيه وكأنّه رضخ لضغوطات “كارتيل” الأفران والمخابز وتجار ومستوردي الطحين، ولو كان ذلك على حساب لقمة عيش المواطنين، وانقلاباً على مواقفه السابقة التي لم يجف حبرها بعد، عندما صرح أن “غداّ (اليوم) سنصدر قراراً نحدد بموجبه سعر ربطة الخبز زنة 900 غرام بـ 2000 ليرة”.

نعمة برّر قراره بأنّه يهدف إلى دفع الأفران لـ”توزيع ربطة الخبز على المناطق، وإلا لن يوزعوا، ولن يكون هناك من خبز في المناطق”، معتبراً بأنّ “مسؤوليات وزارته حماية المستهلك بالدرجة الأولى”، من غير أن يشرح كيف تكون حماية المستهلك برفع سعر أهم سلعة غذائية لديه في وقت يعاني فيه المواطنون من ضائقة معيشية غير مسبوقة في تاريخ لبنان، كما أنّ هذه السلعة وهي الخبز مدعومة من قبل الدولة، وتستنزف الكثير من الأموال في سبيل ذلك، فكيف ولماذا يتم رفع سعرها في هذا التوقيت، ولحساب ومصلحة من؟.

التناقض والتضارب في موقف نعمة بدا بوضوح في موقفه من أصحاب المخابز والأفران، فبعدما هاجمهم في موقفه الثاني، عاد في موقفه الثالث بعد 24 ساعة ليقول إنّ من مسؤولية وزارته “أن أحمي التجار والإقتصاد، وكي أحمي المستهلك يجب أن أتأكد أن الأسعار صحيحة وأن أتأكد أيضاً أن لا يفلس التجار”.

هي مسؤولية مزدوجة إذاً مترتبة على وزارة الإقتصاد والتجارة “إخترعها” وزيرها الجديد، هي حماية المستهلك والتجّار معاً! لكن كيف يمكن له ولوزارته القيام بذلك؟ علماً أن وزارته تضم مصلحة لحماية المستهلك وليس فيها مصلحة لحماية التجار! ثمّ إنّ من المتعارف عليه عالمياً أنّه في وقت الأزمات تُقدّم مصلحة المستهلك والفقراء على مصالح التجار، وإذا ما أرادت الدولة مساعدة التجار وتسهيل عملهم، فإن ذلك لا ينبغي أبداً أن يكون على حساب المواطنين والفقراء.  

ومع أنّ قرارات الوزير نعمة اشتهرت بالتقلّب والإرباك، فإن قراره الأخير كان فضيحة بكلّ معنى الكلمة، إذ بعد ساعات قليلة على موقفه الأخير طلب رئيس الحكومة من نعمة “التراجع عن قراره، لأنّ القرار لم يصدر عن جلسة الحكومة”، ما أثار استغراباً وتساؤلات حول كيف يمكن لوزير أن يتخذ قراراً بمفرده بهذه الأهمية دون موافقة الحكومة، وما هو موقف الأفران والمخابز من تضارب وتناقض موقفي رئيس الحكومة ووزيره، وأي القراراين سيطبقون؟!.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal