إقتراح وزارة الاقتصاد بإنشاء سوق شعبي في المعرض.. يهدد طرابلس بالفوضى

خاص ـ سفير الشمال

تستمر وزارة الاقتصاد والتجارة بتقديم الاقتراحات وإصدار القرارات التي غالبا ما يكون لها إنعكاسات سلبية على المواطنين، بالرغم من النوايا الحسنة للوزير راوول نعمة وفريق عمله، إلا أن البعد عن الواقع وعدم دراسة الأمور من كل جوانبها، يؤدي الى إخفاق الوزارة في إيجاد المعالجات الناجعة للأزمات المتعلقة بها.

آخر إبتكارات وزارة الاقتصاد كان إقتراح تحويل معرض رشيد كرامي الدولي الى “سوق شعبي” لبيع المواد الغذائية بسعر الكلفة أو بأسعار مخفضة ومدعومة، الأمر الذي سيجعل العائلات الفقيرة والمتوسطة وحتى الغنية تتجه الى المعرض للحصول على ما تحتاجه من حاجيات.

يبدو الاقتراح في الشكل جيدا، ويدخل ضمن إطار تأمين المواد الغذائية الضرورية للمواطنين، لكن في المضمون يختزن كوارث لا يمكن لأي كان أن يتحمل تداعياتها، خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية والمالية غير المسبوقة.

كثيرة هي هذه التداعيات، وأبرزها:

أولا: الاساءة الى دور معرض رشيد كرامي الدولي الذي يتطلع أبناء طرابلس الى أن يكون ضمن المنظومة الاقتصادية التي يؤمل منها النهوض بالاقتصاد الوطني إنطلاقا من عاصمة الشمال، سواء على صعيد إقامة القرية التكنولوجية أو الاستفادة من خط الانترنت، وإستثمار المنطقة الاقتصادية الخاصة، إضافة الى سلسلة من المشاريع المتعلقة بالمنشآت التي تعتبر تحفا فنية مسجلة على لائحة التراث العالمي، حيث لا يمكن لصرح من هذا النوع أن يتحول الى سوق شعبي.

ثانيا: الفوضى التي سيشهدها المعرض الدولي والمنطقة المحيطة به، والتي تتطلب فريق عمل كبير جدا للتنظيم والتنظيف والمراقبة، فضلا عن الحفاظ على الأمن في داخل المعرض وخارجه ما يتطلب دوريات دائمة من قبل الجيش وقوى الأمن الداخلي وهي أمور كلها غير متوفرة في ظل الامكانات الضعفية لادارة المعرض.

ثالثا: إنعكاس هذا السوق الشعبي على كل المؤسسات التجارية من مولات ومؤسسات وسوبر ماركت ودكاكين متوسطة وصغيرة وتهديدها بالاغلاق التام، خصوصا أن هذه المؤسسات بأحجامها المختلفة تواجه العديد من الصعوبات وبعضها يضطر الى التوقف عن العمل للحد من الخسائر في ظل الارتفاع الجنوني لسعر الدولار..

وفي الوقت الذي يتطلع فيه هؤلاء الى كيفية دعمهم ومساعدتهم على الصمود، تأتي هذه الخطوة لتضاعف من حجم الأزمة بإغلاق مؤسساتهم وتشريد موظفيها والعاملين فيها.

رابعا: من هي الجهة التي ستتولى تجهيز السوق الشعبي ولحساب أية شركات ومؤسسات.

لا يختلف إثنان على أن ما يُحضر لمعرض رشيد كرامي الدولي من شأنه أن يشكل حالة إستفزاز عامة قد تزيد من حجم  الفوضى الغضب والاحتجاج في الشارع الطرابلسي، خصوصا أن المطلوب اليوم دعم صمود التجار وليس المساهمة في مزيد من إنهيار قدراتهم، لذلك فإن كثيرا من المختصين وجدوا أن الفكرة جيدة، لكن طريقة تطبيقها غير موفقة، لافتين الانتباه الى إمكانية عرض هذه المواد المدعومة من خلال تخصيص أجنحة لها في كل السوبر ماركت والمحلات كل بحسب حجمه وبيعها لمن يريد من المواطنين، ما يضمن ديمومة عمل هذه المؤسسات والحفاظ على موظفيها.

يدعو كثير من المتابعين الى الحفاظ على معرض رشيد كرامي الدولي كمنشأة حاضرة وجاهزة للاستثمار، وبالتالي إبعاد كل أنواع الفوضى عنه، لافتين الانتباه الى أن إستخدام المعرض لبيع لمواد الغذائية، قد يستدرج بيع الخضار والألبسة ما يؤدي الى نقل أسواق طرابلس لا سيما في المدينة القديمة الى المعرض، في الوقت الذي يسعى فيه كثيرون الى تثبيت أبناء المدينة القديمة في منازلهم وفي متاجرهم لتبقى هذه المنطقة التراثية والتاريخية قبلة أنظار الزائرين.

Post Author: SafirAlChamal