ازمة الدولار.. تعيد اللبنانيين الى زمن طوابير الذل خلال الحرب!!… غسان ريفي

لا ينسى اللبنانيون الطوابير التي كانوا يصطفون فيها ايام الحرب الاهلية التي عصفت ببلدهم على مدار 15عاما، عندما تحللت الدولة وتفككت وفقدت كل مقدراتها.

في تلك الحقبة السيئة الذكر كان المواطنون يصطفون في طوابير تحت اشراف عناصر من الميليشات الحاكمة او قوى الامر الواقع من اجل الحصول على الخبز، حيث كانت الافران تعطي ربطة واحدة لكل شخص ما يضطر العائلات الى نزول اكثر من شخص منها للحصول على حاجتهم من الخبز، والامر نفسه كان يحصل امام محطات الوقود حيث كانت ارتال السيارات تمتد لكيلومترات للحصول على صفيحة بنزين او مازوت، وايضا امام الصيدليات لشراء الادوية وامام التعاونيات للحصول على مواد غذائية مدعومة من قوى الامر الواقع في كل منطقة، وغالبا ما كان يسقط ضحايا في هذه التجمعات والطوابير على افضلية مرور او الحصول على مادة من تلك المواد حيث سجلت حالات كثيرة لاطلاق النار على اشخاص من قبل “قبضاي” مدعوم يريد ان يستبيح صفوف المواطنين غير المدعومين.

بعد انتهاء الحرب ودخول اتفاق الطائف حيز التنفيذ، وحل الميليشيات وجمع السلاح وعودة الدولة الى حضورها واستقرار سعر صرف الدولار على 1500 ليرة لبنانية، نسي اللبنانيون او حاولوا ان يتناسوا كل ما عانوه من مآس وازمات على مدار سنوات عجاف، خصوصا مع عودة الامور الى طبيعتها وتوفر كل المواد الاساسية المطلوبة وبكثرة.

اكثر المتشائمين في لبنان لم يكن يفكر او يصدق ان يعيد التاريخ نفسه بعد ثلاثين عاما، مع بعض الاضافات السلبية، حيث عادت في طل العهد القوي وحكومة مواجهة التحديات بعض الطوابير لتصطف امام محطات الوقود والافران، نتيجة ازمات متقطعة في الوقود والخبز، مع استحداث طابورين جديدين، الاول أمام المصارف التي حجزت اموال المودعين عنوة وبدأت تقنن لهم سحوباتهم، والثاني امام محلات الصيرفة لشراء الدولار بالسعر الرسمي على مشارف الاربعة آلاف ليرة، فضلا عن الغلاء الفاحش والبطالة والفقر الذي يجتاح العائلات اللبنانية بشكل أفقي..

بالامس اضيف الى مشاهد الذل اللبنانية مشهدا اضافيا على ابواب الصرافين الذين بالرغم من بدء عمليات ضخ الدولار في الاسواق لم يلتزم كثير منهم في فتح محلاتهم وتلبية زبائنهم الذين وجدوا انفسهم امام خيارين فإما الانتظار لساعات للحصول على دور او اللجوء مجددا الى السوق السوداء التي يتوفر فيها الدولار بسعر 4800 ليرة لبنانية، ما طرح تساؤلات عن جدوى هذا الضخ وعن الوعود بانخفاض سعر الدولار الذي كشف زيف هذه الوعود ودفع المواطنين المحتاجين اليه الى شرائه بالسعر الاعلى، في الوقت الذي يلتهم فيه هذا الضخ الاحتياطي الموجود في مصرف لبنان والمخصص لدعم المواد الاساسية. 

في خضم هذه الازمات التي تشد الخناق على اللبنانيين الى درجة الاختناق اطلت السلطة على اللبنانيين بقانون ملاحقة من يسيء الى رئيس الجمهورية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، متناسية ان الامر لا يحتاج الى قوانين، وان أي شعب في اي دولة يتعاطى مع رئيسه وفق ما يقدمه له من رخاء وعيش كريم فاما ان يحبه ويحترمه واما ان يكرهه ويطالب باسقاطه. 

كما اطل رئيس الحكومة بعدما كشف عملية الانقلاب ليعلن عن بدء المعركة ضد الفساد وهو المغطى سياسيا من تيارات واحزاب كانت شريكة في منظومة الحكم وفي السياسات التي ينتقدها، الا ان ما اثلج صدور اللبنانيين امس ان رئيس حكومتهم تحدث اليهم ولأول مرة بالعامية، ما يشير الى انه بدأ يقتنع بالتخلي عن استحضار الفرزدق وابن الرومي والمتنبي في كل خطاب.


مواضيع ذات صلة:

  1. طرابلس رهينة الفوضى.. و″ليس في كل مرة تسلم الجرة″!… غسان ريفي

  2. فيلم ″أكشن″.. من بطولة حسان دياب!… غسان ريفي

  3. رئاسة الحكومة في مهب التنازلات.. وميقاتي يقرع جرس الانذار!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal