الحكومة تناقض نفسها: فتح البلد جزئياً وإنهاء العام الدراسي!… عبد الكافي الصمد

ثلاثة قرارات صدرت أمس عن الحكومة بما يتعلق بمواجهة فيروس كورونا المستجد كوفيد ـ 19 وكيفية التعامل مع التداعيات التي تركها في مختلف القطاعات، تركت إنطباعاً أنّ الحكومة تتعامل مع الفيروس على “القطعة” وفق مبدأ كل يوم بيومه، آملة أن تكون هذه “السياسة” التي تتبعها ناجعة في مواجهة فيروس شلّ دول العالم وأزهق أرواحاً وأصاب آخرين، وأرهق هذه الدول إقتصادياً وصحياً وإجتماعياً على وجه التحديد، وجعل العالم يرزح تحت أزمة إقتصادية تشبه الأزمة الإقتصادية الكبرى التي سبقت الحرب العالمية الثانية عام 1938.

القرار الأول أعلنه رئيس الحكومة حسّان دياب أمس، بعد اجتماع اللجنة الوزارية لمتابعة تطورات كورونا، هو “إعادة فتح البلد جزئياً” إعتباراً من اليوم، وهو قرار جاء بعد أربعة أيام من الإغلاق التام، وبعد انقسام داخل الحكومة حول استمرار إغلاق البلد لفترة زمنية إضافية، لأن أولوية الحكومة “هي حماية أرواح الناس”، مثلما قال دياب، أو إعادة فتح البلد خلال فترة الأعياد، بشكل أو بآخر، بعد ضغوطات مارستها الهيئات الإقتصادية والتجارية من أجل دفع الحكومة لإعادة فتح الأسواق، علّ موسم الأعياد يخفف من الخسائر الكبيرة التي منيت بها مختلف القطاعات بلا استثناء.

وبدا دياب من كلمته أنّه اتخذ قراره مكرها وتحت الضغط، وأنّه غير مقتنع به، خصوصاً لما أشار إلى أنه “قبل أسبوع كدنا أن نقع في المحظور نتيجة عدم إلتزام بعض المناطق”، مشيراً إلى أننا “حذرنا مراراً وتكراراً من أننا سنفقد نجاحنا في احتواء إنتشار فيروس كورونا إذا لم نلتزم بتدابير الوقاية، وأننا سنضطر للإنتقال من إغلاق إلى آخر، وأنّ مخاطر رفع الحظر يمكن أن تعيدنا إلى المراحل الأولى لتفشّي الوباء”، ومعتبراً أننا “في مرحلة خطرة وحسّاسة جدّاً، لأن أزمة كورونا ستمتد إلى فترة طويلة”، مع اعترافه بأنّنا “ندرك أن الإستمرار بإغلاق البلد تنتج عنه تداعيات إقتصادية وإجتماعية خطيرة؛ ونحن نحاول قدر الإمكان تخفيف تلك التداعيات”، ومن غير أن يخفي أنّ الحكومة “ستلجأ إلى اعتماد سياسة العزل الصحّي للمناطق أو الأحياء التي تسجل فيها نسبة إصابات عالية”.

أما القرار الثاني فكان ذلك الذي اتخذه وزير الداخلية محمد فهمي، والذي جاء تتمة واستكمالا لقرار رئيس الحكومة، وفي اعقاب كلمة الاخير امس، حيث اعلن اعادة العمل بقرار سابق كان اتخذه قبل اسابيع، وهو “منع الخروج والولوج الى الشوارع والطرقات من بين الساعة السابعة مساء ولغاية الخامسة فجرا من كل يوم”، وهو ياتي استجابة لدعوات الهيئات الاقتصادية فضلا عن التجار، لافساح المجال امامهم للعودة الى اعمالهم خلال فترة عيد الفطر.

لكن القرار لن يكون الإلتزام به كاملاً، خصوصاً خلال ساعات المساء، إذ يفترض أنّ وزير الداخلية كان يدرك مسبقاً أنّ المصالح التجارية والإقتصادية يكون إزدهار وذروة عملها خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان في الليل، وخصوصاً من بعد الإفطار حتى السحور، الأمر الذي يعني مسبقاً أنّ الإلتزام بقرار فهمي سيكون ناقصاً، مثلما كان الإلتزام متفاوتاً خلال فترة الإغلاق التام في الأيام الأربعة الماضية، برغم ما يشكله ذلك من مخاطر تفشّي الفيروس.

أما القرار الثالث والذي بدا أنه يسير في الإتجاه المعاكس لقراري دياب وفهمي، فكان قرار، أو “إقتراح” كما أسماه وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب، وهو “إلغاء دورة العام 2020 لامتحانات الثانوية العامة بكل فروعها وفق ضوابط محددة، وإستكمال العام الدراسي”، على أن “يرفّع جميع التلامذة إلى الصفّ الأعلى وفق ضوابط، وبالنسبة إلى الجامعات سنتقدم بآلية خاصة للتعليم عن بعد”، معتبراً أنّ “الحفاظ على أرواح النّاس أولوية”.

هذا القرار، أو الإقتراح لوزير التربية، طرح سؤالين: الأول هو كيف يعلن رئيس الحكومة “إعادة فتح البلد جزئياً”، بينما يعلن وزير التربية “إنهاء” العام الدراسي، مع أنّه كان يفترض منطقياً أن يحصل العكس، وهو إعادة فتح المدارس جزئياً.

أمّا السؤال الثاني فهو إذا كان المجذوب برّر “إنهاء” العام الدراسي لأن “الحفاظ على أرواح النّاس أولوية”، فهل حياة الطلاب أهم من حياة المواطنين الذين سمحت لهم الحكومة بالتسوّق والتجوّل والعمل بشكل شبه طبيعي؟.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal