معارضة.. كل مين إيدو إلو!… غسان ريفي

قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بعد مشاركته في لقاء بعبدا أمس أنه “لا توجد جبهة معارضة تضمه مع تيارات سياسية أخرى”.

وقال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي زار بعبدا وإلتقى الرئيس ميشال عون تحت شعار “تنظيم الخلاف” انه “لا يسعى الى تغيير حكومي، ولا علاقة له بأحلاف ثنائية أو ثلاثية”، وهو أبدى حسن نية أمس بارسال ملاحظاته على الخطة الاقتصادية.

في غضون ذلك، يرفع الرئيس سعد الحريري سقف المواجهة فيقاطع لقاء بعبدا، ليجد نفسه مستفردا ومتهما بأنه يتبع سياسة “قم لأقعد مكانك”..

يمكن القول إن حكومة حسان دياب مستمرة اليوم بحكم الأمر الواقع، وربما من حظها أن المعارضة في وجهها مفككة وكل منها يعمل على قاعدة “كل مين إيدو إلو”، وأن الأزمة الاقتصادية بلغت مستوى خطيرا لا يحتمل أي فراغ في السلطة التنفيذية، وأن فيروس كورونا يشكل لها الحماية المطلوبة مرحليا.

ماذا تريد التيارات المعارضة إذا، ولماذا كل هذا التخبط؟

بات واضحا أن تشكيل جبهة معارضة حقيقية في وجه العهد وحكومته هو أمر غير وارد في الوقت الراهن، خصوصا أن المعارضين لا تجمعهم رؤى وأهدافا مشتركة، كما أن عنصر الثقة مفقود بينهم..

فالحريري لم ينس أن القوات اللبنانية حالت بينه وبين رئاسة الحكومة، وجعجع لم ينس أن الحريري تخلى عنه وأرتمى بأحضان جبران باسيل ومارس معه كيدية سياسية، والحريري وجعجع كل على حده يتجنبان وضع يديهما تحت “بلاطة” وليد جنبلاط، حيث تشير معلومات الى أن الحريري كان مستاء جدا من زيارة جنبلاط الى قصر بعبدا، وقد تحول هذا الاستياء الى غضب على جعجع بسبب حضوره اللقاء، ما يعني أن ما حصل خلال الساعات الـ 48 الماضية صعّب من مهمة تشكيل إطار موحد للمعارضة، الأمر الذي يصب إيجابا ولو مرحليا في مصلحة العهد والحكومة.

تشير المعطيات الى أن  لكل من التيارات الثلاثة المعارضة (المستقبل والقوات والاشتراكي) أجندة مختلفة عن الآخر يعمل وفقها ويتعاطى مع العهد والحكومة من خلالها.. فالرئيس الحريري يريد تصفية حسابات شخصية مع ميشال عون وجبران باسيل، ويسعى للعودة الى رئاسة الحكومة من باب فشل حسان دياب في إدارة الأزمات، ويعمل على ورفع منسوب التحريض والمزايدات في بيئته كما يفعل في كل مرة يكون فيها خارج الحكم، متناسيا أنه المسؤول الأول عن هذه التركيبة السياسية التي مشى في ركبها وتبنى سياستها، الأمر الذي أدى الى تراجع شعبيته بشكل كبير، لذلك فإن ما يقوم به حتى الآن لا يلقى الصدى الذي يطمح إليه في الشارع السني الذي يبدو أنه “لن يلدغ من الجحر مرتين”.

ويبقى سمير جعجع أسير السباق الدائم مع جبران باسيل على الشارع المسيحي، فهو من جهة يريد معارضة العهد الى حدود إسقاطه، لكنه يحرص على عدم المس برئاسة الجمهورية ارضاء لهذا الشارع، ويسعى الى تقديم نفسه بصورة “العقلاني” الذي يترفع عن الخلافات والمناكفات بما يحقق مصلحة البلد، فضلا عن سعيه الدؤوب لابقاء القوات ضمن الصورة، بما يمكنها من التفاوض على بعض المكاسب في التعيينات.

أما وليد جنبلاط فهواجسه السياسية والأقلوية تمنعه من الثبات على موقف، حيث تشير معلومات الى أن التوتر بلغ ذروته مؤخرا في الجبل، وأن الفتنة تحتاج فقط الى شرارة، الأمر الذي بدأ يرخي بثقله على جنبلاط وعلى التيار الوطني الحر وصولا الى البطريرك الماروني الذي خصص جانب من زيارته قصر بعبدا للبحث في هذه المخاوف، كما حركت سعاة الخير، فجاءت زيارة جنبلاط الى الرئيس عون ومن ثم نفض يده بعد اللقاء من الحليفين المعارضين لتصب في هذا الاتجاه، فضلا عن مخاوف تراود زعيم المختارة من إقصائه عن كل التعيينات أو إستهداف بعض المحسوبين عليه بما ينعكس سلبا على الحزب الاشتراكي في الجبل، وهذا الأمر لا يمكن مواجهته إلا باعتماد سياسة الأبواب المفتوحة وإتخاذ المواقف التصعيدية ثم التفاوض عليها.

حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود للأزمات المتلاحقة، يبدو أن التخبط سيبقى سيد الموقف، بين عهد يقدم مصلحة تيار سياسي واحد على كل المصالح، وحكومة منفصلة عن الواقع غارقة بالتنظير والنرجسية، وموالاة تسعى الى تحقيق مكاسب، ومعارضة تتطلع الى مصالحها تارة بالتفاوض وطورا بالابتزاز.   


مواضيع ذات صلة:

  1. مصارفها خلف صفائح الحديد.. ماذا فعلت لكم طرابلس؟… غسان ريفي

  2. ثورة ″غب الطلب″.. من هي الجهات المستفيدة؟!… غسان ريفي

  3. صراع دياب ـ سلامة.. إضعاف لرئاسة الحكومة!!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal